كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقالت أمّ سلمة - رضي الله عنهما -: سمعتُ نَوْح الجنّ على الحسين - عليه السلام - (¬1).
وقال [هشام، عن] عمرو بن عكرمة: أصبحنا صبيحة قتلِ الحسين - رضي الله عنه - بالمدينة، فإذا مولاة لنا تُحدِّثنا، فقالت: سمعتُ البارحة مناديًا ينادي من السماء:
أيها القاتلون جهلًا حُسينًا ... أبشِرُوا بالعذابِ والتنكيلِ
كلُّ أهلِ السماء يدعو عليكم ... من نبي وملأكٍ وقبيلِ
ولُعنتُم على لسان ابنِ داود ... وموسى وصاحبِ الإنجيل (¬2)
فكانوا يُرون أن بعضَ الملائكة قال ذلك.
وقالت أمُّ سلمة - رضي الله عنهما -: ما سمعتُ نَوْح الجنّ منذ قُبض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ليلةَ قُتل الحسين؛ سمعت جنِّيَّة تقول:
ألا يا عينُ فاحتفلي بجهدٍ ... ومَنْ يبكي على الشهداء بعدي
على رَهْطٍ تقودُهم المنايا ... إلى متجبّر في زيِّ عبدِ (¬3)
وروي عن محمد المصقلي قال: لمَّا قُتل الحسين - رضي الله عنه - سمع الناسُ مناديًا ينادي ليلًا، يُسمع صوته ولا يُرى شخصُه يقول:
عقَرتْ ثمودٌ ناقةً فاستُؤْصِلُوا ... وجرَتْ سوانحُهم بغير الأسعدِ
فبَنُو رسولِ الله أعظمُ حُرمَةً ... وأجلُّ من أمّ الفَصِيل المُقصَدِ
عجبًا لهم ولمَا (¬4) جَنَوْا لم يُمسَخُوا ... واللهُ يُملِي للطُّغاةِ الجُحَّدِ
ذكر منام ابن عباس:
قال ابن عبَّاس (¬5): رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرى النائم نصف النهار أشعثَ أغبرَ، بيده قارورة فيها دمٌ يلتقطُه، فقلتُ: يا رسول الله، ما هذه القارورة؟ قال: "دمُ الحسين وأصحابِه، ما زلتُ ألتقطُه".
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 6/ 454. ونُسب الخبر في (م) إليه.
(¬2) تاريخ الطبري 5/ 467، ونُسب سماع الشعر من الجن في "تاريخ دمشق" 5/ 82 - 83 لأم سلمة.
(¬3) تاريخ دمشق 5/ 83 (مصورة دار البشير) وفيه: في ملك عبدي.
(¬4) في (ب) و (خ): لما (بدون واو) والمثبت من "تاريخ دمشق" 5/ 83 - 84، و"مختصره" 7/ 154 - 155. والخبر لم يرد في (م).
(¬5) في (م): قال أحمد بن حنبل: [حدثنا عفان] حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس - رضي الله عنه -، قال والحديث في "مسند" أحمد (2553). قال محققوه: إسناده قوي.

الصفحة 173