فاسترخت يداها، وعُرف ذلك فيها، وغطَّت وجهها، فلما حلَّت للأزواج؛ أرسلَ إليها فخطَبها، فقالت له: قد حلفتُ الأَيمانَ التي قد علمتَ. فقال: أنا أُخْلِفُ لك عن كلِّ شيء شيئين. فتزوَّجَها، فولدَتْ له محمدًا الدِّيباج؛ قتله المنصور (¬1).
وقال الزُّبير بن بكَّار: ضربت عليه (¬2) فسطاطًا، وأقامَتْ سنةً، فلما مضتْ السنة، انصرفت، فسمعوا قائلًا يقول: هل وجدوا ما طلبوا؟ فأجابه آخر وقال: بل يئسوا وانقلبوا (¬3).
وأراد (¬4) عمر بنُ عبد العزيز - رضي الله عنه - أن يتزوَّجها، وكتب إلى الوليد يستأذنه (¬5)، فجاء الجواب وقد تزوَّجت عبدَ الله بنَ عمرو بن عثمان.
وقال الزبير أيضًا: خطبها جماعة، فقالت: على ابن عمِّي دَين، فمن قضاه تزوَّجْتُه. فقال لها عبد الله بن عَمرو بن عثمان: كم دينُه؟ قالت: ألف ألف درهم. فاستكثرها. فقال له عُمر بن عبد العزيز: ويحك! فاطمة بنتُ الحسين بنِ فاطمة؛ انتهِزْها. فأرسل إليها بالمال، فقضت دينَ ابنِ عمِّها، وتزوَّجَها.
ثمّ خلف عليها بعده ابنُ أبي عتيق البكري، فولدَتْ له آمنة (¬6).
أسند الحديث - عليه السلام - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأخرج له أحمدُ بنُ حنبل رحمه الله سبعةَ أحاديث:
فمنها عن ربيعة بن شيبان قال: قلت للحسين بن عليّ: ما تعقلُ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: صَعِدتُ غُرفَةً، وأخذتُ تمرةً من تمر الصدقة، فلُكتُها في فيَّ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "ألْقِها، فإنَّا لا تحلُّ لنا الصدقة".
¬__________
(¬1) الخبر في المصدرين السابقين، وينظر خبر محمد الديباج في "طبقات ابن سعد" 7/ 479 - 480.
(¬2) يعني على الحسن بن الحسن بن علي - صلى الله عليه وسلم -.
(¬3) تاريخ دمشق ص 282 (ترجمة فاطمة- طبعة مجمع دمشق).
(¬4) جاء في (ب) و (خ) قبله عبارة: ، وكان الوليد بن عبد الملك قد خطبها، فتزوجت بعبد الله بن عمرو بن عثمان خوفًا من الوليد! ". وهي واضحة الخطأ، فلم أثبتها. والخبر التالي مع التعليق عليه يبيّن الصواب.
(¬5) الخبر في "تاريخ دمشق" ص 280 (ترجمة فاطمة) وفيه: ففَرِقَ عمر من الوليد بن عبد الملك أن يخطبها بغير إذنه، فكتب إليه يستأذنُه فيها.
(¬6) تاريخ دمشق ص 277 (ترجمة فاطمة).