كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وكان حسين بنُ علي - رضي الله عنه - قد وجَّه قيسَ بن مسهر (¬1) الأسديَّ إلى مسلم قبل أن يبلغَه قتلُه، وكان [ابنُ] زيادٌ قد وجَّه حُصين بنَ تميم الطُّهويّ إلى القادسية في جيش وقال: مَنْ أنكرتَه فَخُذْه، فأخذ قيسَ بنَ مُسْهِر، وبعثَ به إلى ابن زياد، فقال له ابنُ زياد: قد قتل الله مسلمًا، فقُمْ في الناس، فاشتم الكذَّاب ابن الكذَّاب. يعني حسينًا - رضي الله عنه -. [فصعد قيس المنبر] وقال: أيُّها الناس، إني تركتُ الحسينَ بنَ علي بالحاجر (¬2)، وأنا رسولُه إليكم، وهو يستنصرُكم. فأمرَ به ابنُ زياد، فطُرح من فوق القصر فمات (¬3).
وقال البلاذُري (¬4): إن هذا الرسول عبدُ الله بنُ بُقْطُر، وكان أخًا لحسين - رضي الله عنه - من الرَّضاعة، ولما قال له ابن زياد: اصعد فالعَنْ الكذَّاب، فصعد على أعلى القصر وقال: قد أقبلَ إليكم ابنُ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لتنصروه على الدِّعيّ ابنِ الدَّعيّ [ابن] مَرْجانَة (¬5) لعنه الله ولعنَ أباه ومَنْ ولَّاه. ثم ألقى نفسه من القصر (¬6)، فتكسَّرت عظامُه وبه رَمَق، فجاء رجلٌ فذبَحَه، فقيل له: عَجِلْتَ عليه! فقال: أردتُ أَنْ أُرِيحَه.
ووجَّه الحُصَينُ بنُ تميم الحرَّ بنَ يزيد اليربوعي (¬7) إلى الحسين - رضي الله عنه - في ألفين (¬8) وقال: سايِرْهُ ولا تَدَعْهُ يرجع حتى يدخل الكوفة، وجَعْجِعْ به (¬9).
¬__________
(¬1) في (خ): مسلم، والتصويب من "طبقات" ابن سعد 6/ 435. وينظر "أنساب الأشراف" 2/ 470.
(¬2) بالجيم والراء: موضع قبل معدن النَّقرة (من منازل حاجّ الكوفة). والحاجر في لغة العرب: ما يمسك الماء من شفة الوادي. ينظر "معجم البلدان" 2/ 204 و 5/ 298.
(¬3) طبقات ابن سعد 6/ 432 - 435. وينظر أيضًا "أنساب الأشراف" 2/ 469 - 471، و"تاريخ" الطبري 5/ 394 - 395.
(¬4) في "أنساب الأشراف" 2/ 471.
(¬5) تحرَّف لفظ: مَرْجانة في (خ) (والكلام منها) إلى: من خانه. ومَرْجانة هي أمُّ عُبيد الله بن زياد، وزدتُ لفظة "ابن" بين حاصرتين لضرورة السياق، والكلام بنحوه في "أنساب الأشراف" 2/ 471.
(¬6) كذا وقع في (خ) والكلام منها وحدها. والذي في "أنساب الأشراف" 2/ 471: فأمر به، فأُلقي من فوق القصر. . .
(¬7) في (خ): ووجَّه ابنُ زياد الحصين بن الحسر اليربوعي (؟ ) والمثبت من "طبقات" ابن سعد 6/ 435 والكلام منه. وينظر "أنساب الأشراف" 2/ 476 - 477.
(¬8) في "الطبقات" و"أنساب الأشراف": في ألف.
(¬9) أي: أَزْعِجْه.

الصفحة 27