كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وطالتْ به أحلامُه إنْ قَضَيتِهِ ... وظَلَّ بما مَنَّيتِ يلمعُ حاجِبُهْ
أَجِدِّي وصالًا أو أَبِينِي صَرِيمةً ... فأكرمُ أن لا يَكْذِبَ المرءَ صاحِبُهْ (¬1)
وقال جميل بن معمر في "الحماسة" (¬2):
فليتَ رجالًا فيكِ قد نَذَرُوا دمي ... وهَمُّوا بقَتْلِي يا بُثَينُ لَقُوني
إذا ما رأَوْني طالعًا من ثَنِيَّةٍ ... يقولون مَنْ هذا وقد عرفوني
يقولون لي أهلًا وسهلًا ومَرْحبًا ... ولو ظفروا بي ساعةً قتلوني
فكيف ولا توفي دماؤهمُ دمي ... ولا مالُهم ذو كَثْرةٍ فيَدُوني (¬3)
معناه: ليس في دمائهم كلِّها وفاء بدمي؛ لأني خطير (¬4) شريف، وكان دية الشريف في الجاهلية ألفًا من الإبل؛ إلى أنْ نحرَ عبدُ المطَّلب المئة من الإبل عن ولده [عبد الله] فتقرَّر الأمر على ذلك.
وفيها يقول:
لَحَى اللهُ مَنْ لا ينفعُ الوُدُّ عندَه ... ومَنْ حَبْلُهُ إنْ مُدَّ غيرُ مَتِينِ
ومَنْ هو إنْ تُحْدِثْ له العينُ نظرةً ... يُقَضِّبْ لها أسبابَ كلِّ قَرِينِ
ومَنْ هو ذُو لونينِ ليس بدائمٍ ... على خُلُقٍ خَوَّانُ كلِّ أمينِ (¬5)
[والأبيات في ديوان جميل، وديوانُه مشهور، ومن شعره: ]
حَلَّتْ بُثَينَةُ من قلبي بمنزلةٍ ... بينَ الجوانحِ لم يَحْلِلْ بها أحدُ
وعاذلين لَحَوْني في محبَّتِها ... يا ليتَهم وجدُوا مثلَ الذي أجدُ
لما أطالوا عتابي فيكِ قلتُ لهمْ ... لا تُفْرِطُوا. بعضَ هذا اللوم، واقْتَصِدُوا
قد مات قبلي أخو هند وصاحبُهُ ... مُرَقِّشٌ واشْتَفَى من عُرْوَةَ الكَمَدُ
وكلُّهُمْ كان في عِشْقٍ مَنِيَّتُهُ ... وقد وَجَدْتُ بها فوق الذي وَجَدُوا
¬__________
(¬1) ينظر "المؤتلف والمختلف" للآمدي ص 97 - 98، و"شرح الحماسة" للتبريزي 1/ 170.
(¬2) في (م): ومن أبيات جميل في بُثينة.
(¬3) ينظر "شرح ديوان الحماسة" للمروزقي 1/ 324 - 325.
(¬4) في (م): لا خطر. بدل: لأني خطير (؟ ).
(¬5) ينظر "شرح ديوان الحماسة" للتبريزي 1/ 170. قوله: يُقضِّب، أي: يُقطِّع.

الصفحة 338