كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

[وفي "المسند" عن عبد الله بن عمرو قال: كنتُ أكتُبُ كلَّ شيء أسمعُه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُريد حفظه، فنهتني قريش وقالوا: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بَشَرٌ يتكلَّمُ في الغضب (والرِّضا) فأمسكتُ عن الكتابة، وذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اكتُبْ، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حقّ] (¬1).
وكان عَبدُ الله يقول: حفظتُ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألفَ مَثَل (¬2).
[وقال ابن إسحاق: ] وكان عنده صحيفة يسمِّيها الصادقة، فيها ما سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يقول: ليس بيني وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها أحد.
[وقال الواقدي: كان عبد الله أحمرَ طُوالًا، عظيم البطن، لا يُغيِّر شَيبَه، وذهب بصرُه في آخر عُمره.
وقال أبو الزاهرية: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفضّلُ عبد الله بن عَمرو على أبيه.
وقال أحمد: حدثنا هُشيم، عن حُصين بن (عبد الرحمن و) (¬3) المُغيرة الضَّبِّيّ، عن مجاهد، عن عبد الله بن عَمرو قال: زوَّجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلَتْ عليَّ؛ جعلتُ لا أَنْحاشُ لها، ممَّا بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة. فجاء أبي عمرٌو إلى كَنَّتِه، فسألها: كيف وجَدْتِ بَعْلكِ؟ فقالت: خير البُعولة، إلا أنه لم يُفَتِّش لنا كَنَفًا، ولم يقرب لنا فراشًا. قال: فعَضَّني (¬4) بلسانه وقال: أَنْكَحْتُك امرأةً من قريش ذاتَ حَسَب (¬5) وجمال، فعَضَلْتَها؟ ! وشكاني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أتصومُ النهار؟ " قلتُ: نعم. قال: "وتقومُ الليل؟ ". قلت: نعم. قال: "لكنِّي أَصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصلِّي وأنام، وأَمَسُّ النساء، فمن رَغِبَ عن سُنَّتي، فليس منّي".
¬__________
(¬1) الكلام بين حاصرتين من (م)، وهو في "مسند" أحمد (6510).
(¬2) الاستيعاب ص 422، وتاريخ دمشق 37/ 161 - 162 (طبعة مجمع دمشق)، ورواه أحمد (17806) عن عمرو بن العاص. وضعَّف محقِّقوه إسناده.
(¬3) لفظ: "عبد الرحمن و" من "المسند" (6477).
(¬4) في (م) "والخبر منها": فعضهني. والتصويب من "المسند". وعضَّ فلانًا بلسانه، أي: ذكره بسوء. وينظر "النهاية في غريب الحديث" 3/ 200 (عذم).
(¬5) في (م): حسن، بدل: حَسَب، والمثبت من "المسند".

الصفحة 343