كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقال: "اقْرأ القرآن في كلِّ شهر". فقال: أجدني أقوى من ذلك. قال: "فاقْرَأْه في كلِّ ثلاث، ثم (قال): "صُمْ في كلِّ شهر ثلاثة أيام". قال: إنّي أقْوَى من ذلك. قال: "صُمْ يومًا وأَفْطِرْ يومًا، فإنه أفضلُ الصيام، وهو صيامُ أخي داود".
قال مجاهد: فكان عبدُ الله حين ضَعُفَ وكَبِرَ يقول: يا ليتني قبلتُ رُخْصةَ رسولِ - صلى الله عليه وسلم - (¬1).
وروى عبد الله بنُ أحمد بإسناده عن عبد الله بن عمرو] (¬2) قال: لأَنْ أدمَع دَمْعَةً من خشية الله أحبُّ إليَّ من أنْ أتصدَّقَ بألف دينار (¬3).
وروى عبد الله بن أحمد بإسناده عن عبد الله بن عمرو أنه دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البيتَ فقال له: "هل تعلمُ مَنْ معنا". قال: لا. قال: "هو جبريل". قال: فقلتُ: السلام عليك يا جبريل. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قد ردَّ عليك". فذهب بصرُه في آخر عمره. [وقال ابنُ قُتيبة: شهد عبد الله بن عمرو مع أبيه صفّين، وكان يضرب بسيفين (¬4).
قلت: وهذا من أوهام ابن قُتيبة، فإن عبد الله لم يُقاتل في صِفّين.
وقد روينا أنه لما قُتل عمار قال عبد الله لأبيه: قتلتم عمارًا! وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له: "تقتلك الفئة الباغية". فقال له معاوية: فما لك معنا؟ ! فقال: إن رسول الله قال لي: "أطع أباك". فأنا معكم، ولستُ أقاتل].
وحضر صِفّين مع أبيه وقال: يا ليتني مِتُّ قبل هذا اليوم بعشرين سنة [-أو بعشر سنين-] وواللهِ ما رميتُ فيها بسهم، ولا طعنتُ فيها برمح، ولا ضربتُ فيها بسيف، ولوددت أنّي لم أحضُرْها، وأنا أستغفرُ الله من ذلك وأتوب إليه (¬5).
¬__________
(¬1) الحديث في "مسند" أحمد (6477)، وما وقع فيه بين أقواس عادية منه.
(¬2) من قوله: وقال الواقدي ... إلى هذا الموضع (وهو الواقع بين حاصرتين) من (م).
(¬3) هو في "شُعب الإيمان" (816) ولم أقف عليه من طريق عبد الله بن أحمد.
(¬4) المعارف ص 286. وهذا الكلام الواقع بين حاصرتين من (م).
(¬5) التبيين في أنساب القرشيين ص 464، ونُسب الكلام في (م) إليه، وما وقع فيه بين حاصرتين منها.

الصفحة 344