كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وأصاب المختار في بيت المال تسعة آلاف أَلْف [درهم] ففرَّقها في أصحابه على أقدارهم، وهم ثلاثةُ آلاف وثمان مئة رجل، فأعطى كلَّ واحد منهم خمس مئة درهم، وقرَّب الأشراف، وأحسنَ إلى النَّاس، فمالوا إليه.
واستعملَ على شرطته عبدَ الله بنَ كامل اليشكري (¬1)، وعلى حرسه كيسان أَبا عَمْرَة.
قال أبو مِخْنَف: وأوَّلُ رايةٍ عَقَدَها المختار رايةٌ لعبدِ الله بنِ الحارث أخي إبراهيمَ بنِ الأشتر على أرمينية، وبعثَ محمدَ بنَ عُمير بن عُطارد على أذَرْبيجان، وعبدَ الرَّحْمَن بن سعيد على الموصل، وإسحاقَ بنَ مسعود على المدائن، وسَعْدَ بنَ حذيفة على حُلْوان، وفرَّق عمَّاله في البلاد.
وكان عبد الله بنُ الزُّبير قد ولَّى محمَّد بنَ الأشعث بن قيس على الموصل، فلما وصل إليها عبد الرَّحْمَن بن سعيد خرج عنها محمَّد، فنزل تكريت، فأقام بها لينظر ما يؤول إليه [أمرُ] النَّاس، ثم جاء إلى الكوفة، فبايعَ المختار.
وكان المختار يجلس فيقضي بين النَّاس، ثم أمر شُرَيحًا، فكان يقضي بين النَّاس، فقال النَّاس: أليس قد عزل عليُّ بنُ أبي طالب شُرَيحًا عن القضاء، وشهد شُرَيح على حُجْر [بن عديّ] وأصحابِه، وكان شُرَيح عثمانيًّا؟ وبلغه قولُ النَّاس، فخاف، فتمارضَ، فجعل المختارُ موضعَه عبدَ الله بنَ عتبة بن مسعود، ثم إن عبد الله مرض، فجعلَ المختارُ مكانَه عبدَ الله بنَ مالك قاضيًا (¬2).
ذكر مسير جيش المختار إلى ابن زياد، وقيام أهل الكوفة على المختار:
روى هشام بنُ محمَّد عن عَوَانة بن الحَكَم الكلبي قال: كان مروان بن الحَكَم قد جعلَ لعبيد الله بنِ زياد لمَّا بَعثه إلى العراق ما غَلَبَ عليه، وأمره بنهب الكوفة ويبيحها ثلاثًا، فمَرَّ بالجزيرة، وبها قيس عَيْلَان (¬3) على طاعة ابن الزُّبير، وكان مروان قد أصاب
¬__________
(¬1) في "أنساب الأشراف" 6/ 55، و"تاريخ" الطبري 6/ 33: الشاكري.
(¬2) تاريخ الطبري 6/ 33 - 35. وينظر "أنساب الأشراف" 6/ 55.
(¬3) في (أ) و (خ): قيس بن عيلان، والمثبت من (ص). وفي هذا الموضع ينتهي الخرم في (ب) الذي بدأ ص 315 أوائل السنة الخامسة والستين.

الصفحة 373