كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قيسًا يوم مَرْج راهط، فأقام ابنُ زياد مشتغلًا بقيس نحوًا من سنة، ثم أقبل إلى الموصل، فانحاز عبدُ الرَّحْمَن بنُ سعيد إلى تكريت، وكتب إلى المختار يعرِّفُه، فدعا المختارُ يزيد بن أنس وقال له: أَنْتَ صاحبُ الخيل التي تُوردُها منابتَ الزيتون، فاخرجْ (¬1)، فإنِّي مُمِدُّك بالرِّجال والأموال.
فاختارَ من وجوه الفرسان ثلاثة آلاف، وخرج معه المختار يشيِّعُه وقال له: إذا لقيتَ عدوَّك فلا تُناظره، وإذا أمكنَتْك الفرصة فلا تُؤخِّرْها, وليكن خبرُك كلَّ يوم عندي.
وسار يزيد بالجيش، فبات بسُورَا (¬2)، ثم غدا بهم، فبات بالمدائن، ثم اعترض بهم أرض جُوخَى، وخرجَ بهم على الراذان (¬3)، وقطعَ أرضَ الموصل، ونزل ببويلي (¬4).
وبلغَ ابنَ زياد، فبعثَ إليهم ربيعةَ بنَ المخارق في ثلاثة آلاف، وأردفَه عبدَ الله بنَ حملة الخثعميّ في ثلاثة آلاف.
ومرض يزيد بن أنس، فركب على حمار، وجعل يقف على الأرباع يوصيهم ويقول: يَا شرطةَ الله، اصبروا تُؤْجَرُوا، وقاتِلُوا عدوَّكم تظفروا، وإن هلكتُ فأميرُكم ورقاء بنُ عتَّاب (¬5) الأسديّ، فإن هلك فأميرُكم عبد الله بنُ ضمرة العُذْري، فإن هلك فأميرُكم سِعْر بن أبي سِعْر الحنفي. وهؤلاء كلُّهم كانوا رؤوس الأرباع.
ثم جعل يزيدُ بنُ أنس عبدَ الله بنَ ضمرة العُذْري على ميمنته، وسِعْر بن أبي سعر على ميسرته، وورقة (¬6) بن عتَّاب -أو ابن عازب- الأسدي على الخيل، ونزلَ هو فوُضعَ بين الرجال على سرير، ثم قال: قاتِلُوا عن أميركم إن شئتُم، أو فِرُّوا عنه.
¬__________
(¬1) يعني إلى الموصل، كما في "تاريخ الطبري" 6/ 39، وينظر "أنساب الأشراف" 6/ 56.
(¬2) موضع بالعراق من أرض بابل، قريبة من الحِلَّة. ينظر"معجم البلدان" 3/ 278.
(¬3) جُوخَى وراذان (الأسفل والأعلى) من سَواد بغداد. وينظر "معجم البلدان" 2/ 179، و 3/ 12. وفي "تاريخ الطبري" 6/ 40: الراذانات.
(¬4) كذا في (أ) و (خ) و (ص). وفي "تاريخ الطبري" 6/ 40: ببنات تلي، وفي "الكامل" 4/ 230: بباتلي. ولم أقف على أيّ منها.
(¬5) كذا في (أ) و (خ) و (ص). وفي "أنساب الأشراف" 6/ 56، و"تاريخ" الطبري 6/ 41، و"الكامل" 6/ 229: عازب. وسيرد في سياق الكلام: بن عتاب، أو ابن عازب.
(¬6) كذا في النسخ الخطية المذكورة. وهو ورقاء المذكور قبل.

الصفحة 374