كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

حتَّى تلقى جيش ابنِ أنس، فارْدُدْهم معك، وسِرْ حتَّى تلقى عدوَّك، فتُناجزَهم. فخرج ابنُ الأشتر، فعسكر بحمَّام أعْيَن. وهذه رواية هشام (¬1).
وقال أبو مِخْنَف (¬2): لما مات يزيدُ بنُ أنس اجتمع أشرافُ أهلِ الكوفة وقالوا: قُتل ابنُ أنس، وتأمَّر هذا الرَّجل علينا بغير رضًا منَّا. يعنون المختار. ولقد أدنى عبيدَنا، فأطمعهم فينا. واتَّعدوا منزل شَبَث بن رِبْعيّ، وقالوا: نجتمع في بيت شيخنا وكبيرنا. وكان شَبَث جاهليًّا إسلاميًّا. وتحدَّثوا وقالوا: لم يكن شيء أشدَّ علينا ولا أعظم من جَعْلِ المختار للموالي والعبيد من الفَيء نصيبًا (¬3)، فقال لهم شَبَث بنُ رِبْعيّ: دعُوني ألقى المختار.
فلقيَه في منزله، فذكر خصالًا نقموها على المختار، فقال: أنا أُرضيهم بكلِّ ما أحبُّوا. قال شَبَث: فتردُّ عبيدَهم إليهم، ولا تجعلُ لهم نصيبًا في الفيء. فقال: أنا أفعل ذلك؛ على أن تُقاتلوا معي بني أمية وابنَ الزُّبير. فقال شبث: ما أدري حتَّى أخرج (¬4) إلى أصحابي، وأُفاوضَهم في ذلك. وخرج فلم يعد إليه.
واتفقوا على قتال المختار، وهم: شَبَث بن رِبْعيّ، وشَمِر بن ذي الجَوْشَن، ومحمَّد بن الأشعث، وعبد الرَّحْمَن بن سعيد بن قيس، وكعب بن أبي كعب الخثعمي، وأشراف أهل الكوفة، وقالوا: زَعَمَ أن محمَّد بن الحنفية ولَّاه، ولم يكن كذلك.
قال: وأشار عليهم عبد الرَّحْمَن بنُ مِخْنَف أن لا تفعلوا، وقال: أخافُ أن تتفارقوا وتتخاذلوا وتختلفوا (¬5)، ومع المختار فرسانُكم وشُجعانكم، منهم فلان وفلان، ثم معه مواليكم وعبيدُكم، وكلمتُهم واحدة، وعبيدكم (¬6) أشدُّ حنقًا عليكم من عدوّكم، فهو مُقاتِلُكُم بشجاعة العرب، وعدواة العجم، وإن انتظرتموهم قليلًا كُفيتُموهم بقدوم أهل
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 6/ 42 - 43. والرواية فيه عن هشام عن أبي مخنف.
(¬2) المصدر السابق.
(¬3) في (ص): شيئًا.
(¬4) في (ب): أرجع. وفي هذا الموضع نهاية الكلام الذي سها فيه ناسخها، وأشرفُ إليه من قبل.
(¬5) في (أ): يتفارقوا ويتخاذلوا ويختلفوا.
(¬6) في (ص): وعبيدهم.

الصفحة 376