كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

الشَّام وعساكر [أهل] البصرة، وتكونوا قد كُفيتُم بغيركم، ولا تجعلوا بأسَكُم بينكم. فقالوا: ننشدك اللهَ أن تُخالفَنا، وتُفسد علينا رأينا. قال: فاصبروا حتَّى يذهب عنه ابنُ الأشتر، ويصلَ ساباط (¬1).
فلما سار ابنُ الأشتر إلى ساباط؛ ثارُوا بالمختار -وتسمى هذه الوقعة وقعة جبَّانة السَّبِيع- فخرج عبد الرَّحْمَن بنُ سعيد بن قيس الهَمْدانيّ في هَمْدان، فنزل جَبَّانَةَ السَّبِيع، وخرج زَحْر بنُ قيس الجُعفي وإسحاق بن محمَّد بن الأشعث إلى جَبَّانة كِنْدة (¬2)، وخرج كعب بن أبي كعب الخثعمي إلى جَبَّانة [بِشْر] وسارَ بِشْر (¬3) بن جرير في بَجِيلَة، وخرج شَمِر بن ذي الجَوْشَن في قيس، فنزل جبَّانةَ بني سَلُول، وخرج شَبَث بن رِبْعيّ، ومحمَّد بن الأشعث، وحجَّار بن أبجر، وعَمرو بن الحجَّاج الزَّبيديّ، وقتلةُ الحسين، فنزلوا جَبَّانةَ السَّبِيع، واجتمعوا في مكان واحد، فسُرَّ المختار باجتماعهم في مكان واحد.
وبعثَ المختار إلى إبراهيم بن الأشتر وهو بساباط مع عَمرو بن بُويه (¬4) يقول أَلَّا تضعَ كتابي من يدك حتَّى تُقبل بجميع من معك. فركضَ عَمرو بكتابه.
وأمر المختارُ أصحابَه بالكفّ عن القتال، فأرسل إليهم: ماذا تريدون؟ قالوا: زعمتَ أنَّ ابنَ الحنفية أرسلك، ولم يُرسلك. قال: فابعثوا إليه وفدًا يسألونه، وأرادَ مطاولتَهم حتَّى يصلَ ابنُ الأشتر.
ووصلَ رسولُ المختار إلى ابن الأشتر عشيَّةَ ذلك [اليوم] فسارَ ليلًا بمن معه، فقدمَ الكوفة في اليوم الثالث من خروجهم على المختار، فسار ابنُ الأشتر على الكُناسة، وسار المختار إلى جَبَّانةِ السَّبِيع، واقتتلوا قتالًا شديدًا، فظهر عليهم المختار وابنُ الأشتر، وأخذوا منهم خمس مئة أسير، فكان يسألُ عن الرَّجل: هل شهدَ قتلَ
¬__________
(¬1) وكان المختار قد أرسل ابنَ الأشتر لردّ جيش يزيد بن أنس وأن يسير بهم للقاء ابن زياد كما سلف الكلام، وذكره ابن كثير في "البداية والنهاية" 12/ 18. وينظر "أنساب الأشراف" 6/ 57. وساباط هي ساباط المدائن، في الجانب الغربي من دجلة. ينظر "معجم البلدان" 3/ 166، و"الروض المعطار" ص 296. وما سلف بين حاصرتين من (ص).
(¬2) في الخبر تفصيل، وهو من أكثر من رواية. يقارن بما في "تاريخ الطبري" 6/ 45.
(¬3) في "تاريخ الطبري" 6/ 45: بشير.
(¬4) كذا في (أ) و (ب) و (خ)، وعلى الباء في (ب) ضمة، وفي (ص): نوبة، وفي "تاريخ" الطبري 6/ 46، و"البداية والنهاية" 12/ 18: توبة.

الصفحة 377