كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

عمر بن عبد الرَّحْمَن بن الحارث بن هشام، فأقاما جميعًا بالبصرة، وسبب قدوم عمر بن عبد الرَّحْمَن البصرة؛ أنَّ المختار كتبَ إلى ابن الزُّبير يخادعُه ويقول: قد عرفتَ مناصحتي إياك وجهادي لعدوِّك وما كنتَ أعطيتَني إذا أنا فعلتُ ذلك، فلمَّا وفَيتُ لك لم تَفِ لي بما عاهَدْتَني عليه، وقد رأيتَ منِّي ما رأيتَ، فإنْ تُرِدْ مراجعتي أراجِعْك، وإنْ تُرِدْ مناصحتي أَنْصَحْ لك. والسلام.
وإنما قصد المختار أن يستجمعَ له الأمر، وهو لا يُطلع الشِّيعة على ذلك، بل يُظهر أنَّه وزيرُ ابنِ الحنفيَّة.
فدعا ابنُ الزُّبير عمر بنَ عبد الرَّحْمَن بن الحارث بن هشام المخزوميَّ وقال له: اذْهبْ إلى الكوفة، فقد ولَّيتُكَها. قال: فإنَّ المختار بها؟ قال: فإنَّه سامعٌ مطيع.
فجهَّزْه بأربعين ألفًا (¬1)، وعَلِمَ المختار، فبعثَ إليه من الطريق بثمانين ألفًا -وقيل: بسبعين ألفًا (¬2) - وقال: اذهبْ حيث شئتَ، ولا تقرب الكوفة، فمضى إلى البصرة.
وكان عبد الملك بن مروان قد بعث عبد الملك بنَ الحارث بن الحكم بن أبي العاص إلى وادي القرى، والمختارُ لابن الزُّبير مُكايدٌ ومخادِع، فكتب إلى ابن الزُّبير:
قد بلغني أنَّ عبد الملك [بن مروان] قد جهَّزَ جيشًا إلى وادي القُرى، فإنْ أحببتَ أمْدَدْتُك.
فكتب إليه ابنُ الزُّبير: إن كنتَ على طاعتي وتبايع النَّاس لي قِبَلَكَ؛ صدَّقْت مقالتَك, وكفَفْتُ جنودي عن بلادك، وعجِّلْ بتسريح الجيش ليَلْقَوْا مَنْ بوادي القُرى.
فدعا المختار شُرَحْبيل بنَ وَرْس الهَمداني، فجهَّزَه في ثلاثة آلاف أكثرُهم من الموالي، وقال له: سِرْ حتَّى تأتيَ المدينةَ، فإذا دخَلْتَها فاكتُبْ إليَّ بذلك حتَّى يأتيَك أمري. وكان في عزمه إذا دخلوا المدينة أنْ يبعثَ عليها (¬3) أميرًا من قِبَله، ويأمرَ ابنَ وَرْس أن يمضيَ إلى مكَّة، فيحاصرَ ابنَ الزُّبير.
¬__________
(¬1) في "تاريخ الطبري" 6/ 72: فتجهَّزَ بما بين الثلاثين أَلْف درهم إلى الأربعين ألفًا ..
(¬2) يعني أن المختار أرسل إليه ضعفَ ما أنفق في مسيره, كما في المصدر السابق. ووقع في (أ): بتسعين ألفًا.
(¬3) في (ص): إليها.

الصفحة 383