كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قال: وكان ذو الجوشن يتوجَّع على تركه الإسلام حين دعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه. وهذه رواية ابن سعد.
وقال ابن البَرْقي: اسم ذي الجوشن أوس بن الأعور، والضّبابي لقب أحد أبويه (¬1) اسمه ضَبّ، فنسبوه إليه.
وقال أبو إسحاق السَّبِيعي: إنما سُمِّي بذي الجَوْشن لأن صدره كان ناتئًا.
وقال ابن سعد عن أبي إسحاق قال (¬2): كان شَمِر بن ذي الجوشن لا يكادُ يصلّي معنا، ويجيء بعد الصلاة، فيصلي، ثم يقول: اللهمَّ اغْفر لي فإنِّي كريم لم تلدني اللئام. قال: فقلت له: إنك لسيِّئُ الرأي يومَ تُسارع إلى قتل ابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: دعنا يَا أَبا إسحاق، فلو كنَّا كما تقول أَنْتَ وأصحابُك، لكنَّا شرًّا من الحُمُر السُّقاة (¬3).
ذكر مقتله:
قد ذكرنا أن المختار بعث غلامَه زِرْبيًّا (¬4) في طلب شَمِر، وأنَّ شَمِر طعنَه فقتلَه، ومضى حتَّى نزل بساتيدَما (¬5).
قال أبو مِخْنَف: فنزل إلى جانب قرية يقال لها: الكلتانيَّة (¬6) على شاطئ نهر إلى جانبه تلّ، فأرسل إلى تلك القرية، فأخذ منها عِلْجًا، فضربه، ثم قال: النَّجاء بكتابي هذا إلى مصعب بن الزُّبير [بالبصرة، وكتب عنوانه: للأمير المصعب بن الزُّبير] من شَمِر ابن ذي الجَوْشن.
قال: فمضى العِلْجُ حتَّى دخلَ قرية، وفيها أبو عَمْرة، وقد كان المختار بعثه إلى تلك القرية ليكون مَسْلَحَةً له فيها خوفًا من البصرة، فلقيَ ذلك العِلْجُ عِلْجًا، فوقف معه
¬__________
(¬1) في (ص): آبائه.
(¬2) طبقات ابن سعد 6/ 195.
(¬3) المصدر السابق، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 8/ 123 (مصورة دار البشير).
(¬4) في (أ) و (ص) و (م): زرنبًا، وفي (خ): رزينًا، وفي (ب): زرينا. والمثبت من "تاريخ" الطبري 6/ 52.
(¬5) هو جبل قرب الموصل والجزيرة، أو نهر بين آمد وميَّافارقين، وسلف ذكره ص 378.
(¬6) في النسخ الخطية: الكلبانية (في الموضعين) والمثبت من "تاريخ" الطبري 6/ 52، وذكرها ياقوت في "معجم البلدان" 4/ 476.

الصفحة 394