كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقيل: أقامَ الحجَّ يحيى بن سعيد نيابةً عن أخيه، وكان على مكة والمدينة عمرو بن سعيد، وعلى الكوفة والبصرة عُبيد الله بنُ زياد، وعلى خُراسان عبدُ الرحمن بن زياد، وعلى قضاء الكوفة شُريح، وعلى قضاء البصرة هشام بن هُبيرة (¬1).
وفيها توفي

بلال بن الحارث المُزَنيُّ
من الطبقة الثالثة من المهاجرين، كنيتُه أبو عبد الرحمن.
قال ابن عبَّاس: أعطى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلال بنَ الحارث المُزَنيَّ معادنَ القَبَليَّة؛ جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها، وحيثُ يصلح الزرعُ من قُدْس (¬2).
فلما كان عمرُ بنُ الخطاب رضوان الله عليه قال له: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يُقْطِعْ (¬3) لتحتجزه (¬4)، فخُذْ منه ما قَدَرْتَ عليه وعلى عمله، وأَطْلِقْ الباقي للمسلمين. ففعل.
وقال أبو بشير المازنيُّ: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "من وجدتُموه يقطع من الحِمَى شيئًا فلكم سَلَبُه".
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - استعملَ عليه بلال بنَ الحارث المزنيّ، وعلى عهدِ أبي بكر، وعمر، وعثمان، ومعاوية، فمات بلال في خلافة معاوية، فاستعمل على الحمى بعذ ذلك (¬5).
¬__________
(¬1) تاريخ الطبري 5/ 399، والمنتظم 5/ 329.
(¬2) طبقات ابن سعد 5/ 148. وأخرجه أيضًا- أبو داود (3062). قوله: معادن القَبَلِيَّة، منسوبة إلى قَبَل، بفتح القاف والياء، وهي ناحية من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل: هي من ناحية الفُرْع، وهو موضع بين نخلة والمدينة. وقوله: جَلْسِيَّها؛ الجَلْس: كلُّ ما ارتفعَ من الأرض، وقوله: غَوْريَّها؛ الغَوْر: كل ما انخفضَ من الأرض. وقولُه: قُدْس: هو جبل، وقيل: هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزراعة. "النهاية": (جلس- غور- قبل- قدس).
(¬3) المثبت من (ب). وفي (خ): يعطه، ولعلها: يُقْطِعْكَهُ، ففي "طبقات" ابن سعد 5/ 149: ما أقطعَكَهُ.
(¬4) كذا في (ب) و (خ). وفي "طبقات" ابن سعد 5/ 149: لتحتجنه، وشرح عليها ابن الأثير في "النهاية" فقال: أي: تتملَّكه دون الناس، والاحتجان: جمع الشيء وضمُّه إليك. اهـ. والحديث في "السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 149، وفيه: لتحجره، وجاء في هامشه لفظة: لتحرزه.
(¬5) كذا في "طبقات" ابن سعد 5/ 149، وعنه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" 3/ 442 (مصورة دار البشير). وبنحوه في "مغازي" الواقدي 2/ 425 - 426.

الصفحة 40