كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قال ابن سعد (¬1): وكان خطيبًا عفيفًا، وكان فيه سواد؛ لأنَّ أمَّه كانت سوداء حبشية نصرانية، فماتت فشهد القُباع جنازتها وأعيانُ أهل البصرة، فكانوا ناحية، وجاء أهل دينها فوَلُوها، وكانوا على حِدَة (¬2).
وعزلَه ابنُ الزُّبير عنهم بعد أن أقام واليًا سنةً، واستعمل مكانه المصعب بنَ الزُّبير.
وذكر ابنُ سعد له أولادًا، ولم يذكر تاريخ وفاته (¬3).
وذكره غير ابن سعد، فقال البلاذُري (¬4): اسم أمِّ القُباع سيح؛ صادَتْ طيرًا من حمام مكة، فأكلَتْه، وسنذكره في ترجمة ابن الزبير.
وقال أبو عبيدة وحكاه ابنُ عساكر: والقُباع [أخو عمر] بن أبي ربيعة الشاعر (¬5). ويقال لأبي ربيعة: ذو الرُّمحين، وأمُّ القُباع بنتُ أبرهة من الحبشة، سباها أبوه عبد الله بنُ أبي ربيعة -وكان عاملَ عثمان بن عفَّان على اليمن- وكانت نصرانية، ولم يعلم القُباع بها، فلما توفّيت جاء القُباع، فجلس على باب دارها ومعه أشرافُ أهل البصرة وهم جلوس ينتظرون جنازتها، فخرجت إليه مولاة له فقالت: قد وجدنا على رقبة أمِّك صليبًا حين جرَّدناها للغَسْل. فقام قائمًا وقال: أيها الناس، انصرفوا رحمكم الله، فإنَّ لها أهلَ مِلَّةٍ هم أولى بها منكم. فانصرف الحارث، وعظُم في عيون الناس، وكان في الجمع جماعةٌ من الصحابة، فقال بعضهم: لقد ساد هذا الفتى أهلَ زمانه (¬6).
وقال خليفة (¬7): أقام المصعب بن الزبير بالكوفة نحوًا من سنتين، ثمَّ انحدر إلى البصرة، واستخلفَ القُباع، ثمَّ رجع مصعب إلى الكوفة فقتل بعد ما أقام بها (¬8).
¬__________
(¬1) المصدر السابق 7/ 33، وما قبله منه.
(¬2) طبقات ابن سعد 7/ 33، وأنساب الأشراف 8/ 297 - 298.
(¬3) ذكر الصفدي في "الوافي بالوفيات" 11/ 255 أن وفاته في حدود التسعين.
(¬4) أنساب الأشراف 8/ 296، وينظر أيضًا 6/ 110.
(¬5) الكلام في (أ) و (ب) و (خ) و (ص)، وليس في (م). وما بين حاصرتين زيادة من عندي لصحة السياق ولم أقف عليه عند ابن عساكر.
(¬6) ينظر "أنساب الأشراف" 8/ 296 - 298، و"تاريخ دمشق" 4/ 108 و 109 و 111 (مصورة دار البشير).
(¬7) الخبر في "تاريخ دمشق" 4/ 110 (مصورة دار البشير) من طريق خليفة.
(¬8) بعده في (خ): ثمَّ رجع مصعب إلى الكوفة! وهو سهو من الناسخ، وما أكثر ذلك فيها، ولم أكتبه كلَّه لئلا تطول الحواشي بما لا فائدة فيه.

الصفحة 402