كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قال ابنُ عساكر: وكان يُكنى أبا حفص، وكان يواجهُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعظائم؛ قال لعائذ بن عَمرو، إنما أنت من نُخالة (¬1) أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - (¬2).
وقال لزيد بن أرقم: أنت شيخ قد خرفت (¬3).
قلت: وقد أخرج أحمد في "المسند" (¬4) وغيرُه طرفًا من هذا، فقال: حدَّثنا يزيد بن هارون بإسناده عن الحسن قال: دخل عائذ بن عمرو على عُبيد الله بن زياد، فقال له: إني سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "شَرُّ الرِّعاءِ الحُطَمة" فإيَّاك أن تكونَ منهم. فقال: اجلس، فإنَّما أنتَ من (¬5) نُخالة (¬6) أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم -. فقال: وهل كانت فيهم نُخَالة؟ ! إنما النُّخَالةُ بعدهم. أخرجه مسلم بمعناه (¬7).
وروى ابنُ عساكر عن الحسن قال (¬8): قدم علينا ابنُ زياد أميرًا على البصرة؛ أمَّره معاوية؛ غلامًا سفيهًا يسفك الدماء سفكًا شديدًا، وفينا عبد الله بنُ المُغفَّل المزني صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان عبد الله بن مُغَفّل من السبعة (¬9) الذين بعثهم عمر - رضي الله عنه - إلى أهل البصرة يفقّهونهم. فدخلَ على عُبيد الله بن زياد ذات يوم، فقال له: يا ابنَ زياد، انْتَهِ عمَّا أراك تصنع، فإنَّ شرّ الرِّعاءِ الحُطَمة. فقال له ابنُ زياد: ما أنتَ وذاك؟
¬__________
(¬1) في (أ) و (ب) و (خ) و (م): حثالة. والمثبت من (ص)، وهو الموافق لمصادر الخبر.
(¬2) تاريخ دمشق 44/ 232 (طبعة مجمع دمشق). والخبر عند مسلم (1830). وسيذكره المصنف عن أحمد.
(¬3) قال ابنُ زياد ذلك لزيد - رضي الله عنه - لما قال له زيد: اعْلُ بهذا القضيب عن هاتين الثَّنِيَّتَين -يعني ثَنِيَّتَي الحسين - رضي الله عنه - وقد كان ابن زياد ينكتُ بهما- فو الذي لا إله غيره لقد رأيتُ شفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هاتين الشفتين يقبِّلُهما. ينظر "أنساب الأشراف" 2/ 504 - 505، و"تاريخ" الطبري 5/ 456، وقد سلف الخبر ص 151.
وأخرج أحمد (19266) أن ابنَ زياد قال لزيد بن أرقم - رضي الله عنه -: ما أحاديثُ تُحدِّثُها وترويها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نجدُها في كتاب الله عَزَّ وَجَلَّ، تحدِّثُ أنَّ له حوضًا في الجنة؟ قال: قد حدَّثناه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووعَدَناه. قال: كذبت، ولكنك شيخ قد خرفت. قال: إني قد سمعَتْه أُذناي ووعاه قلبي. . .
(¬4) مسند أحمد (20637)، وهو حديث عائذ بن عمرو الذي ذكره أولًا.
(¬5) في (ب) و (خ) و (م): رجل من.
(¬6) المثبت من (ص)، وفي غيرها: حُثالة.
(¬7) صحيح مسلم (1830).
(¬8) تاريخ دمشق 44/ 227 (طبعة مجمع دمشق).
(¬9) في "تاريخ دمشق": التسعة.

الصفحة 413