كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

إنما أنت من حُثالة أصحاب محمَّد - صلى الله عليه وسلم - (¬1). فقال: أوَ كانَ فيهم حُثالة؟ ! لا أمَّ لك، بل كانوا أهل بيوتات وشرف، أشهدُ لقد سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ما من والٍ بات ليلةً غاشًّا لرعيَّته إلا حرَّم اللهُ عليه الجنَّة".
قال: ومرض عبد الله بن مُغَفَّل، فأتاه ابنُ زياد عائدًا، فقال له: اعهد إلينا شيئًا نفعلْ فيه الذي تحبُّ. قال: أفاعلٌ أنتَ ذلك؟ قال: نعم. قال: فإنِّي أسألُك أن لا تُصلِّيَ عليَّ، ولا تَقُمْ على قبري، وأن تُخَلِّيَ بيني وبين أصحابي يتولَّوْنَ أمري. وقد ذكرناه. فما شيَّعه ولا صلَّى عليه.
وقال ابنُ عساكر أيضًا: وُلد ابنُ زياد سنة تسع وثلاثين، وكان لمَّا قُتل الحسين ابنَ ثمان وعشرين سنة (¬2)، فقد كان يوم قُتل ابنَ ثلاث وثلاثين.
قال: وقال البخاريّ: وأمُّه مَرْجانة (¬3)، سبيَّةٌ من أهل أصبهان.
قال": وهو أوَّلُ من ضربَ الدراهم الزُّيُوف، وجهرَ بالمعوِّذَتَين (¬4).
وقال المدائني: كان ابنُ زياد يقول حبَّذا الإمارة؛ لولا قعقعةُ لجام البريد والتشزُّن (¬5) للخطب (¬6).
قال: وقام رجل ضرير في جامع البصرة فقال: تصدَّقوا على من لا قائد له فيُؤَدِّيه (¬7)، ولا بصرَ له فيهديه. فأشار الحسنُ إلى دار ابنِ زياد وقال: ما كان له قائدٌ يقودُه إلى خير، ولا بصر فيبصر به ما ينفعه فيؤدّيه (¬8).
¬__________
(¬1) من قوله: فقال: وهل كانت فيهم نخالة في الحديث قبله إلى هذا الموضع، ليس في (ب) و (خ).
(¬2) هاتان روايتان في "تاريخ" ابن عساكر 44/ 212، جمع بينهما المختصر هنا، ولا تناسبَ بينهما، فعلى قول من قال: وُلد سنة تسع وثلاثين لا يكون له ثمان وعشرون سنة لمَّا قُتل الحسين سنة (61). وقد ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" 3/ 545 ما يفيد أنَّه ولد سنة ثلاث وثلاثين.
(¬3) هو في "تاريخ دمشق" 44/ 213 عن ابن معين، ولم أقف عليه عند البخاري.
(¬4) المصدر السابق 44/ 225.
(¬5) في (م): والتشرُّف.
(¬6) أنساب الأشراف 4/ 419.
(¬7) الخبر في المصدر السابق، وفيه: يقوده.
(¬8) قوله: فيؤديه، ليس في (م)، وقوله: ما ينفعه فيؤديه، ليس في (ص).

الصفحة 414