كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

حديث نَظَرِهِ إلى جبريل - عليه السلام -:
قال [أحمد بإسناده عن عمَّار بن أبي عمَّار] عن عبد الله بنِ العبَّاس - رضي الله عنهما -[قال]: كُنْتُ مع أبي العبَّاس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجل يناجيه، فكان كالمُعْرِض عن أبي. فلمَّا خرجنا قال: يا بُنيّ، الم تَرَ إلى ابن عمِّك كالمُعرض عني؟ [قال: ] فقلت: يا أبة: إنه كان عنده رجلٌ يناجيه. [قال: ] ورجعنا إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال له أبي: يا رسول الله، قلتُ لعبد الله كذا وكذا، فأخبرني أنَّه كان عندك رجل يناجيك، فهل كان عندك أحد؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وهل رأيتَه يا عبد الله؟ " قلت: نعم. قال: "ذاك جبريل، وهو الَّذي شغلني عنك" (¬1).
وقال ابن عباس (¬2): رأيتُ جبريل مرَّتين، ودعا لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بالحكمة مرتين.
وقال: "اللهمَّ بارِكْ فيه، وانْشُرْ منه" (¬3).
قال: وقال [لي] رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رأيتَ جبريل؟ " قلتا: نعم. فقال: "أما إنك ستفقدُ بصرَك". فذهب بصرُه فِي آخر عمره - رضي الله عنه - (¬4).
ذكر احترام عُمر [بن الخطاب]- رضي الله عنه -، ونحو ذلك.
[قال الزبير بن بكَّار: ] كان عمر وعثمان - رضي الله عنهما - يدعوانِه فيستشيرانِه، فيُشير عليهما، ويُجلسانِه مع أهل بدر لفضله.
وقال [ابن سعد بإسناده عن سعيد بن جُبير، عن] ابن عباس [قال]: كان عمر يأذنُ لأهل بدر، ويأذنُ لي معهم، فقال له: تأذنُ لهذا الفتى معنا، وفي أبنائنا مَنْ هو مثلُه! فقال عمر: إنه مَنْ قد علمتُم.
[قال: ] فأَذِنَ لهم ذاتَ يوم، وأَذِنَ لي معهم، وسألهم عن معنى قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} السورة. فقالوا: أمرَ الله تعالى رسولَه - صلى الله عليه وسلم - أن يستغفر ربَّه ويتوبَ إليه إذا رأى هذه العلامة فِي أمَّته.
¬__________
(¬1) مسند أحمد (2847). وكلُّ ما بين حاصرتين من (ص)، وبعضه في (م).
(¬2) فِي (ص) و (م): وأخرج ابن سعد بمعناه عن ابن عباس قال ... وهو فِي "طبقاته" 6/ 325.
(¬3) الاستيعاب ص 424، والتبيين فِي أنساب القرشيين ص 157، وصفة الصفوة 1/ 747.
(¬4) الاستيعاب ص 426.

الصفحة 445