كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قرَّبتِ إليَّ طعامًا: بسم الله خيرِ الأسماء الذي لا يضرُّ مع اسمه داء، ربِّ الأرض والسماء. وأعتقها (¬1).
وقد ذكره القاضي أبو بكر محمد بنُ الطَّيِّب في كتاب "الإمامة"، وأثنى عليه؛ قال (¬2): دخل أبو مسلم على معاوية في جماعة من أماثل أهل الشام، فقال له أبو مسلم: يا معاوية، نراك قد استَعْدَدْتَ لمحاربة عليِّ بنِ أبي طالب، وألزَمْتَه دمَ عثمان، وقد بلَغَنا أنه بريءٌ من دمه، وله من السابقة والقِدم والقَرابة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يُنكره أحد. فقال [له] معاوية: ألستُم تعلمون أنَّ عثمان قُتل مظلومًا؟ قالوا: بلى. قال: فليدفَعْ إلينا قَتَلَةَ عثمان نقتُلْهم به، وهو الإمام، ولا محاربة بيننا وبينه (¬3). فقال له أبو مسلم: أنصفت، ائذن لنا أن نأتيَه. فقال: قد أذنتُ.
فخرج أبو مسلم في جماعة فيهم أبو هريرة، فأَتَوْا عليًّا رضوان الله عليه، فأدركوه بالرَّحْبة، فذكروا له ما قال معاوية، فأذن للناس فدخلوا عليه، فقال: من قتلَ منكم عثمان؟ فقالوا كلُّهم: نحن قتلناه، أو فقالوا: كلُّنا قتلناه.
فرجع أبو مسلم، فدخل على معاوية، فأخبره بما قالوا، ثم التفتَ أبو مسلم إلى أهل الشام، فقال: انصروا خليفتَكم المظلوم، وأنا أوَّلُكم في سرَعان الناس (¬4).
وقال هشام بن الغاز (¬5): قام أبو مسلم إلى معاوية وهو على المنبر، فناداه: يا معاوية، إنما أنت قبرٌ من القبور، أتحسبُ أن الخلافة جمعُ المال وتفريقُه؟ ! كلا، إنما هي قول بالحقّ وعمل بالعدل، يا معاوية، إنَّا لا نُبالي إذا تكدَّرت الأنهار وصفا لنا رأسُ العين. فقال معاوية: صدقتَ يا أبا مسلم، يرحمُك الله.
¬__________
(¬1) المصدر السابق.
(¬2) في (ب) و (خ): وقال أبو بكر بن محمد (كذا، وهو خطأ) الطَّيِّب، بدل قوله أعلاه: وقد ذكره القاضي ... إلخ وهو من (م). والقاضي ابنُ الطيِّب هو ابنُ الباقِلَّاني، ذكر له القاضي عياض كتاب "الإمامة" في "ترتيب المدارك" 4/ 601.
(¬3) في (م): ولا بيننا وبينه معاداة.
(¬4) سَرَعان الناس أي: أوائلهم المستَبِقون إلى الأمر.
(¬5) الخبر في "حلية الأولياء" 2/ 126، و"تاريخ دمشق" ص 515 من طريق هشام بن الغاز، عن يونس الهرم، أن أبا مسلم ... ونُسب الخبر في (م) لابن عساكر.

الصفحة 47