كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

ودخل عليه يومًا فقال: السلام عليك أيها الأجير، فقال الناس: الأمير يا أبا مسلم (¬1)! فقال معاوية: دَعُوا أبا مسلم، فإنّه أعلم بما يقول. فقال أبو مسلم: إنما مَثَلُك مَثَلُ رجلٍ استأجر أجيرًا، فولَّاه ماشيته، وجعلَ له الأجر على أن يُحْسِنَ الرِّعْيَة (¬2). فإنْ هوَ أحسن إليها (¬3) حتى تلحقَ الصغيرة، وتسمنَ العجفاء؛ أعطاه أجرَه وزاده، وإنْ هو أضاعَها غضبَ عليه وعاقَبَه، ولم يُعْطه أجرَه. فقال معاوية: ما شاء الله!
وحبس معاوية العطاء عن الناس شهرين، فقام إليه أبو مسلم وهو على المنبر، فقال: يا معاوية، إن هذا المال ليس من كَدِّك ولا كَدِّ أبيك، وإنما هو مالُ الله. فقال معاوية: صدقت. اغدوا على عطائكم (¬4).
ذكر وفاته:
مات في سنة ستين في أيام يزيد بن معاوية (¬5).
وقيل: في أيام معاوية (¬6).
وقيل: سنة اثنتين وستين (¬7). [والأول أصح].
وقيل: سنة أربع وأربعين. وهو وهم.
ومات بدمشق بداريا، ودُفنَ بها، وقبرُه يزار.
وقيل: مات بأرض الروم في غَزاة مع بُسْر بنِ أبي أَرْطاة، وأوصى أن يُدفن في قبور الشهداء.
¬__________
(¬1) جاءت العبارة في (ب) و (خ) بلفظ: السلام عليك أيها الأمير فقال أبو مسلم: أيها الأمير. والتصويب من "تاريخ دمشق" ص 516. ولم يرد هذا الخبر في (م).
(¬2) في (ب) س (خ): إلى الرعية، والمثبت من "حلية الأولياء" 2/ 125. و"تاريخ دمشق" ص 516.
(¬3) في المصدرين السابقين: أحسن رِعْيَتَها.
(¬4) في (خ): أعطياتكم، وفي (م): غدًا أزيد على عطائكم. والخبر في "حلية الأولياء" 2/ 130 بأطول منه، وفيه عطاياكم. وقد نُسب في (م) لأبي نُعيم.
(¬5) نسب هذا القول في (م) لابن سعد، وهو في "طبقاته" 9/ 451 دون ذكر سنة وفاته.
(¬6) التاريخ الصغير ص 129، (وينظر فيه ص 136). ونسب هذا القول في (م) للبخاري.
(¬7) تاريخ دمشق ص 525. قال ابن عساكر: هذا وهم، بل مات قبل ذلك.

الصفحة 48