كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وبعثَه معاوية إلى عائشة - رضي الله عنه - بوقعة صفِّين، وكان قد نزل البصرة، وتحوَّل إلى الشام بعد وقعة الجمل، وكان أميرًا مع معاوية فِي صفِّين على أهل قِنَّسْرِين.
و[قال ابن ماكولا: ] (¬1) كان سيَّدَ قومِه فِي؛ مانه، وله أخبار وأشعار.
وأسندَ الحديث عن عائشة - رضي الله عنها -، ومعاوية.
وكان له أولاد: الهُذَيْل، وكوثر، والرَّباب، وكانت الرَّباب عند مَسْلَمة بن عبد الملك، فكان يؤذَن عليه (¬2) لأخويها الهُذَيل وكوثر أوَّلَ الناس.
وقُتل له يومَ مَرْج راهط ثلاثةُ بنين.
وقيل: إن أباه الحارث بن كِنْدة (¬3)، وقيل: إنه مات فِي أيام عبد الملك بن مروان.
[قلت: ] وزُفر من شعراء الحماسة، فمن شعره فيها قولُه:
وكُنَّا حَسِبْنا كلَّ بيضاءَ شحمةً (¬4) ... لياليَ لاقَينا (¬5) جُذامَ (¬6) وحِمْيَرَا
فنلمَّا قَرَعْنا النَّبْعَ بالنَّبْعِ بعضَهُ ... ببعضٍ أبَتْ عِيدانُهُ أنْ تَكَسَّرا (¬7)
ولمَّا لَقِينا عُصْبَةً تَغْلِبيَّةً ... يقودون جُرْدًا (¬8) للمنيَّةِ ضُمَّرَا
سَقَيناهُمُ كأسًا سَقَوْنا بمثلها ... ولكنَّهم كانوا على الموتِ أَصْبَرَا
¬__________
(¬1) الإكمال 7/ 273، وتاريخ دمشق 6/ 421.
(¬2) فِي (أ) و (د) (والكلام منهما): عليها. والمثبت من "أنساب الأشراف" 6/ 151.
(¬3) فِي المصدر السابق: وكان يقال: إن زفر بن الحارث من كندة.
(¬4) قال المرزوقي فِي "شرح الحماسة" 1/ 155: حكى الأصمعي فِي الأمثال: ما كلُّ بيضاء شحمة، ولا كل سوداء تمرة. والمعنى: ليس كلُّ ما أشبه شيئًا ذلك الشيء. اهـ. ونُسبت الأبيات فِي "أنساب الأشراف" 6/ 175 لعُمير بن الحُباب السُّلمي، وفيها: حَسِبنا كل سوداء تمرة.
(¬5) فِي "الحماسة" 1/ 155 (شرح المرزوقي): قارعْنا.
(¬6) فِي (أ): جُذامًا.
(¬7) النَّبْع: خير الأشجار التي يتَّخذُ منها القِسيّ وأصلبُها كما أن الغَرَبَ شرُّها وأرخاها، فجعلت العرب تضرب المثل بها فِي الأصل الكريم واللئيم. يقول: لما قرعنا أصلهم بأصلنا أبت العيدان من التكسُّر. قاله المرزوقي فِي "شرح الحماسة" 1/ 156.
(¬8) أي: خيلًا.

الصفحة 481