كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقال: ما نازعني أحد إلَّا وأخذتُ من أمري بإحدى ثلاث: إنْ كان فوقي عرفتُ قدره، وإن كان دوني رفعتُ نفسي عنه، وإن كان مثلي تفضَّلتُ عليه (¬1).
وقال: لا مروءة لكذوب، ولا راحةَ لحسود، ولا حيلةَ لبخيل، ولا سؤدُد لسيِّئ الخلق، ولا إخاء لملول (¬2).
وقال: ما ذكرتُ أحدًا بسوء بعد أن يقوم من عندي، ولا سمعتُ كلمة إلَّا طأطأتُ رأسي لما هو أعظمُ منها (¬3).
وقال: من فسدت بطانتُه كان كمن غَصَّ بالماء، ومن غصَّ بالماء فلا مساغَ له، ومن خانه ثقاتُه فقد أُتيَ من مأْمنِه (¬4).
وقال: ما ادَّخرت الآباءُ للأبناء ولا أبقت الأموات للأحياء شيئًا أفضلَ من اصطناع المعروف عند ذوي الأحساب والآداب (¬5).
وقال: تَرْبِيبُ المعروف (¬6) أوجبُ من اصطناعه، وله خِصال: تعجيلُه، وتسهيلُه، وتيسيرُه (¬7)، فمن أخل (¬8) بواحدةٍ منها، فقد بَخَسَ المعروف حقَّه.
وقال: أَحْيِ معروفَك بإماتةِ ذِكْرِه (¬9).
وشكا ابنُ أخي الأحنف إلى الأحنف ضِرْسَه، فقال الأحنف: لقد ذهبَتْ عيني منذ أربعين سنة ما ذكرتُها لأحد (¬10).
¬__________
(¬1) العقد الفريد 2/ 283، وتاريخ دمشق 8/ 435، والمنتظم 6/ 95.
(¬2) تاريخ دمشق 8/ 438، وصفة الصفوة 3/ 199، وبنحوه فِي "أنساب الأشراف" 11/ 406.
(¬3) صفة الصفوة 3/ 199. وينظر "تاريخ دمشق" 8/ 443.
(¬4) العقد الفريد 1/ 33.
(¬5) المصدر السابق 1/ 233.
(¬6) أي: تعهُّدُه وتنميتُه. والقول فِي المصدر السابق. وتصحفت فِي (أ) و (ب) و (خ) إلى: ترتيب المعروف.
(¬7) فِي "العقد الفريد" 1/ 233: تعجيله وستره وتيسيره، وهو الأشبه؛ إذ التيسير بمعنى التسهيل.
(¬8) المثبت من (ص)، وتحرفت فِي غيرها إلى: أخذ.
(¬9) المصدر السابق.
(¬10) صفة الصفوة 3/ 199 - 200، والمنتظم 6/ 95. وذكر البلاذري القصة فِي "أنساب الأشراف" 11/ 415 وفيها أن الأحنف هو الَّذي شكا إلى عمه المتشمّس وَجَعًا، فقال عمه: ... ذهبت عيني ...

الصفحة 492