كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

[قال: ] وحجَّ عَمرو بالناس سنة ستين (¬1). وكان أحبَّ الناس إلى أهل الشام، فكانوا يسمعون له ويُطيعون.
ومات سعيد وعَمرٌو صغير، وكان وصيَّ إليه، فقال له معاوية: إلى مَنْ أوصى بك أبوك؟ فقال: أوصى إليَّ، ولم يُوصِ بي. فعجبَ معاوية (¬2).
[وقال أبو بكر بن عيَّاش: كان عَمرو أفقم، وشدقه واسع، وحجَّ بالناس سنتين].
ذكر مقتله:
لما سار عبد الملك إلى قَرْقِيسيا (¬3)؛ قال له عَمرو: قد علمتَ ما فعلتُ مع أبيك، وما وصلَ إليه هذا الأمر إلا بي. فقال له عبد الملك: لستَ من أهل الخلافة. فقال له عمرو: استدراجُ النِّعم [إياك] أفادكَ البغي، ورائحةُ القدرة أورثَتْك الغفلة، ولو كان ضعفُ الأسباب يُؤيسُ الطالب؛ ما انتقلَ سلطان ولا ذَلَّ عزيز (¬4).
ثم تمارضَ عمرو، ورجع من بُطنان حبيب (¬5) ليلًا، ومعه حُميد بن حُريث بن بَحْدَل الكلبي، وزُهير بن الأبرد الكلبي، فأتى دمشق وعليها عبدُ الرحمن بن أمّ الحكم الثقفي خليفةُ عبد الملك، فغلب عَمرو على دمشق (¬6)، وطلبَ عبدَ الرحمن بنَ أمّ الحَكَم، فلم يصبه، فأمر بهدم داره، فهُدمت، ثم خطب الناسَ، وأمرَهم بحُسن المواساة والعطيَّة.
وأصبح عبد الملك، ففقد عَمْرًا (¬7)، فسأل عنه، فأُخبر بخبره، فجمع عبدُ الملك خواصَّه وقال لهم: هذا عمرو قد فعل ما فعل، وقد كنتُ أعلمُ أنه ينطوي على غِلّ (¬8)
¬__________
(¬1) كلمة "ستين" ليست في (م)، ولا في "الطبقات". وينظر كلام أبي بكر بن عياش الآتي.
(¬2) ينظر "أنساب الأشراف" 5/ 27، و "العقد الفريد" 2/ 189 - 190.
(¬3) بلد عند مصبِّ الخابور بالفرات، قيَّدها ياقوت في "معجم البلدان" 4/ 328 بفتح القاف، وقيدها الفيروز أبادي في "القاموس" بكسرها.
(¬4) البيان والتبيين 4/ 87، والتذكرة الحمدونية 5/ 53، ومروج الذهب 5/ 234، وما سلف بين حاصرتين منها.
(¬5) في (أ) و (ت) و (خ): جندب. والتصويب من "تاريخ الطبري" 6/ 140، والكلام فيه بنحوه. وبطنان حبيب بأرض الشام. ينظر "معجم البلدان" 1/ 447 - 448.
(¬6) في (خ): الشام.
(¬7) في (أ) و (ب) و (خ) و (د) (والكلام منها): فقعد عنه عمرو. وفي "تاريخ الطبري" 6/ 141: ففقد عمرو سعيد. والصواب ما أثبتُّه، وينظر "الكامل" 4/ 297.
(¬8) في (أ): غدر.

الصفحة 499