كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

[وكانت أمُّ عَمرو عمَّةَ عبد الملك.
واختلفوا في مقتل عَمرو، فعامَّة المؤرِّخين على أنَّه قُتل سنة تسعٍ وستين، وقيل: في سنة سبعين. والله أعلم] (¬1).
وقد رثاه جماعةٌ، منهم يحيى بن الحكم [أخو مروان بن الحَكَم] وكان من خيار بني أميَّة حسن المحضر عند عبد الملك (¬2) فقال:
أعينيَّ جُودا بالدموع على عمرٍو ... عشيَّةَ تُبْتَزُّ الخلافةُ بالغَدْرِ
كأنَّ بني مروان إذْ يقتلُونهُ ... بُغاثٌ من الطير اجْتَمَعْنَ على صَقْرِ
غدرتُم بِعمرٍو يا بني خَيطِ باطلٍ (¬3) ... وأنتم ذَوُو قُرْبانِهِ وذَوُو صِهْرِ
لَحَا اللهُ دُنْيا تَدخلُ النارَ أهلُها ... وتَهْتِكُ ما دونَ المَحارمِ من سِتْرِ (¬4)
ولما قُتل عَمرو؛ أمرَ عبدُ الملك بسريره فأُبرِزَ إلى المسجد، وخرج، فجلس عليه، وسألَ عن الوليد ابنِه وقال: لئن كانوا قتلوه؛ لقد أدركُوا ثأرَهم. فقال له إبراهيم بنُ عربي (¬5) الكِناني: هو عندي في بيت القراطيس، قد أصابَتْه جراحة، ولا بأس عليه.
وأُتي بيحيى بن سعيد إلى عبد الملك، فأمر بقتله، فقام عبدُ العزيز [بن مروان] فقال: أتُراك قاتلًا بني أمية في يوم واحد؟ ! فأمر بحبس يحيى، فحُبس.
وجيء بعنبسة بن سعيد، فأمر بقتله، فقام عبدُ العزيز، فقال له مثلَ ذلك، فحبسَه.
وجيء بعامر بن الأسود الكلبي، فضربَه عبدُ الملك بقضيب في رأسه، وقال:
¬__________
(¬1) ما بين حاصرتين من (م). وقد سلف أوَّلَ الترجمة أن أمَّ عمرو -وهي أمُّ البنين بنتُ الحكم- أختُ مروان لأبيه وأمِّه.
(¬2) في (ب): عبد المطلب (؟ ) ولم يرد قوله: حسن المحضر عند عبد الملك ولا الأبيات في (م).
(¬3) هو لقب مروان بن الحكم لأنه كان طويلًا مضطربًا، ويطلقون "خيط باطل" على الهَبَاء الذي في ضوء الشمس الداخل في كوَّة البيت، أو على الخيط الخارج من فم العنكبوت. قال الميداني: ويسمّيه الصبيان مُخاط الشيطان. مجمع الأمثال 1/ 273، وينظر "الصحاح" (خيط).
(¬4) نسب قريش ص 179، وأنساب الأشراف 5/ 37، وتاريخ دمشق 13/ 457 (مصورة دار البشير).
(¬5) في (أ) و (ب) و (خ) (والكلام منها): عديّ. والمثبت من "تاريخ" الطبري 6/ 146. وينظر "الكامل" 4/ 301، و"المنتظم" 6/ 92.

الصفحة 505