كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

إنْ تُناقِشْ يَكُنْ نقاشُك يا ربّ ... عذابًا لا طَوْقَ لي بالعذابِ
أو تُجاوزْ فأنتَ ربٌّ غفورٌ ... عن مسيءٍ ذُنوبُه (¬1) كالترابِ
[قال أبو اليقظان: ] ولما احتُضر أنشد:
لَعَمْري لقد عُمِّرْتُ في المُلْكِ بُرْهةً ... ودانَتْ (¬2) ليَ الدنيا بوَقْعِ المآثرِ (¬3)
وأُعطيتُ جَمَّ المال والعلم والنُّهَى ... ودوَّختُ أفناء الملوك الجبابرِ (¬4)
فأضْحَى الذي قد كان منّي يسرُّني ... كبرقٍ مضى في الذاهبات (¬5) الغوابرِ
فيا ليتني لم أُمسِ في الملك ليلةً ... ولا عشتُ في اللذَّات عيشَ النواضرِ (¬6)
وكنتُ كذي طِمْرَين عاش ببُلْغةٍ ... من العيش حتى زار ضنك المقابرِ
ثم قال: أسنِدُوني. فأسندوه، فكحَلَ عينَيه وأَذِنَ للناس، فدخلوا للسلام عليه قيامًا، فلما خرجوا أنشد:
وتجلُّدي للشَّمامِتينَ أُرِيهمُ ... أنِّي لِرَيبِ الدَّهْرِ لا أتَضَعْصعُ
وإذا المنيَّةُ أنشبَت مِخْلابَها (¬7) ... ألْفَيتَ كلَّ تميمةٍ لا تنفعُ (¬8)
ثم جعل يتمَلْمَلُ ويقول: ما لي ولِحُجْرٍ وأصحابِه (¬9)، يا ليتني كنتُ رجلًا من قريش بذي طُوى، ولم ألِ من هذا الأمر شيئًا (¬10).
¬__________
(¬1) في (ب) و (خ): ذنبه، وهو خطأ. ومن قوله: أشار إلى عمر بن الخطاب ... إلى آخر هذين البيتين، ليس في (م)، والبيتان في "أنساب الأشراف" 4/ 172 و"بهجة المجالس" 3/ 369، و"تاريخ دمشق" 68/ 325.
(¬2) في (ب) و (خ): وذلّت. والمثبت من (م) وهو الموافق لما في "تاريخ دمشق" 68/ 319.
(¬3) في "بهجة المجالس" 3/ 370، و"تاريخ دمشق" 68/ 319: البواتر.
(¬4) في "تاريخ دمشق": وسِلْم قماقيم الملوك الجبابر.
(¬5) في "تاريخ دمشق": كحلم مضى في المزمنات. وفيه أيضًا: كلمحٍ مضى ...
(¬6) في "بهجة المجالس" و "تاريخ دمشق":
فيا ليتني لم أُغْنَ في الملك ساعة ... ولم أُغْنَ في لذات عيش نواضرِ
(¬7) في "تاريخ دمشق" 68/ 323: أظفارها.
(¬8) البيتان لأبي ذُؤيب الهُذلي، من قصيدته التي مطلعها: أمن النون وريبها تتوجّعُ ... وهي في "ديوان الهذليين" ص 1.
(¬9) سلف خبر حُجْر بن عديّ في السنة الحادية والخمسين.
(¬10) تاريخ دمشق 68/ 324 و 325.

الصفحة 55