كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وأما الأربع التي غفرتُ لك:
فقتالك لي يوم صفِّين، ومعاداتك لي فيمن عاداني.
وأما الثانية: فخِذْلانُك لعثمان مع مَنْ خذَل.
وأما الثالثة: فسَعْيُك على أمِّ المؤمنين عائشة فيمن سعى.
وأما الرابعة: فنفيُك أخي زيادًا عني فيمن نَفَى.
ووجدتُ اللهَ يقول: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] وقال الشاعر (¬1):
ولستَ بمُسْتَبِقٍ أخًا لا تَلَمُّهُ ... على شَعَثٍ، أيُّ الرِّجالِ المهذَّبُ؟
فعفوتُ عن هذه الأربع لتلك الأربع، وكنتُ كما قيل:
سأَقْبَلُ مِمَّن قد أتى بجميلةٍ ... وأصفحُ عما كان من قبل ذلكَ (¬2)
فَتَشَزَّنَ (¬3) ابنُ عباس مستشرفًا على الجماعة، ثم قال: أمَّا محبَّتُك لي لقرابتي [من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فذلك الواجب عليك وعلى كل من آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... ] (¬4).
وأمَّا قولك: إني من أسرتك، فما زلتُم أتباعًا لنا في الجاهلية والإسلام.
وأما قولك: إني لسانُ قريش [فإني لم أُعط من ذلك شيئًا لم تُعْطَه، ولكنك قلت ذلك لشرفك وفضلك، كما قال الأول: ] (¬5)
فكلُّ كريمٍ للكريم مُفَضِّلٌ ... يراهُ له أهلًا وإن كان فاضلا
وأما قولُك: إن إبي كان خِلًّا لأبيك؛ فأقول:
سأحفظ مَنْ آخي أبي في حياتِه ... وأرْمُقُهُ من بَعْدِه في الأقاربِ
وإِنِّي لمن لا يحفظُ الوُدَّ قاليًا ... ولستُ له في النائباتِ بصاحبِ
¬__________
(¬1) هو النابغة الذبياني، والبيت في "ديوانه" ص 18.
(¬2) لم أقف عليه.
(¬3) أي: تأهَّب وتهيَّأ.
(¬4) استدركتُ ما بين حاصرتين ما يلزم لإتمام السياق من "التذكرة الحمدونية" 9/ 182، والخبر فيه بنحوه، ولم يرد في (م).
(¬5) ما بين حاصرتين من "التذكرة الحمدونية".

الصفحة 63