كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وقال ابن سعد: ] لبس معاوية يومًا حُلَّةً خضراء، فقام إليه عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، فجعلَ يضربُه بالدِّرَّة ومعاويةُ يقول: فيم؟ ! فيم؟ ! فقيل لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: ما أردتَ بهذا؟ فقال: أردتُ أن أضعَ منه (¬1).
دخل أبو الطُّفيل على معاوية فقال له: كيف وَجْدُك على خليلك أبي الحسن (¬2)؟ فقال: كَوَجْدِ أمِّ موسى - عليه السلام -، وإلى الله أشكو تقصيري. فقال: أكنتَ فيمن حضر قتلَ عثمان؟ قال: لا، ولكنّي ممَّن لم ينصره. قال: فما منعكَ من نُصْرتِه وقد كانت واجبةً عليك؟ قال: منعني ما منعَك إذ تربَّصتَ به ريبَ المَنُون. قال: أوَ ما ترى طلبي بثأره؟ قال: بلى، ولكنك وأنا كما قال الجعفي (¬3):
لا أُلْفِيَنَّكَ بعدَ الموتِ تَنْدُبُني ... وفي حياتيَ ما زَوَّدْتَني زادي (¬4)
وذكر المسعودي (¬5) أن رجلًا دخل على معاوية، وكان من أهل الكوفة قد قدم دمشق، فقال: أنا رجل من أهل العراق، دخلت مدينتك وتحتي بعير، فتعلَّق بي رجل وقال: هذه ناقتي أُخذت مني يوم صفِّين.
فقال معاوية: [عليَّ بالرجل. فجاء ومعه خمسون رجلًا من أهل دمشق، فشهدوا عند معاوية] أنها ناقتُه، فقال الرجل: أما تُفرِّقون بين الذكر والأنثى؟ ! فقال معاوية: هذا حكم قد مضى. ودفع البعير إلى الشامي.
ثم خلا معاوية بالرجل صاحب البعير وقال له: [كم قيمةُ بعيرك؟ فقال: كذا وكذا. فأضعفه له، وقال له: اذهب إلى ابن أبي طالب وقل له: ] يقول لك معاوية: إني أقاتلُك بمئة ألف لا يفرِّقون بين الجمل والناقة.
¬__________
(¬1) طبقات ابن سعد 6/ 18 بأطول منه، وما سلف بين حاصرتين من (م).
(¬2) يعني علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(¬3) كذا في (ب) و (خ) (والكلام ليس في م). والبيت لعَبِيد بن الأبرص، وهو في "ديوانه" ص 63، والبيت أيضًا لحارثة بن بدر الغُداني، وذكره ابن عساكر ضمن أبيات في ترجمته في "تاريخ دمشق" 4/ 85 (مصورة دار البشير). وينظر "فصل المقال في شرح كتاب الأمثال" ص 271.
(¬4) مروج الذهب 5/ 44. والخبر بنحوه في "أنساب الأشراف" 4/ 106، و "العقد الفريد" 4/ 30، و "تاريخ دمشق" ص 460 - 461 (طبعة مجمع دمشق، ترجمة أبي الطُّفيل عامر بن واثلة).
(¬5) في "مروج الذهب" 5/ 79. وما سيرد بين حاصرتين من (م).

الصفحة 66