كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

قال: ما غضبي على مَنْ أملكُ وأنا قادرٌ عليه، ولا غضبي على مَنْ لا أملكُ ولا تناله يدي (¬1).
وقال عمرو بن العاص يومًا لمعاوية: قد أعياني أن أعلم أشجاعٌ أنتَ أم جبان. قال: ولم؟ قال: لأني أراك تُقْدِمُ حتى أقول: أراد القتال، ثم تتأخَّر حتى أقول: قد أراد الفرار. فقال معاوية: ما أُقدِمُ حتى أرى التقدُّم غُنمًا، ولا أتأخَّرُ حتى أرى التأخُّر حزمًا. وأنشد للطائيّ:
شُجاعٌ إذا ما أمكنَتْنيَ فُرْصَةٌ ... وإلا (¬2) تكن لي فُرصةٌ فجبانُ (¬3)
وقال معاوية حين مات أخوه عُتبة. لولا أنَّ الدنيا بُنيَت على نسيان الأحبَّة؛ ما نَسِيتُ عُتبةَ أبدًا (¬4).
وقال عمرو بن العاص لمعاوية: رأيت في المنام كأنَّ القيامةَ قد قامت، وأنت تُحاسَبُ، وقد ألجمَكَ العرقُ. فقال معاوية: أما رأيتَ هناك دَخْلَ مصر (¬5)؟ ! .
وقال معاوية لعبد الرحمن بن أمّ الحكم (¬6): قد بلغني أنك لهجت بالشعر، فإيَّاك والتشبُّبَ بالنساء، فتَغُرَّ (¬7) الشريفة، وإياك والهجاء؛ فإنك تهجو (¬8) به كريمًا، وتستثير (¬9) به لئيمًا، وإياك والمدحَ، فإنه طُعْمَةُ الدنيء الوَقِح، ولكن عليك بمفاخر قومك، وذكرِ الأمثال السائرة مما تَزِين به نفسَك، وتستدلُّ به على صحة عقلك، وتؤدِّبُ به غيرَك.
¬__________
(¬1) أنساب الأشراف 4/ 135. وينظر "مجمع الأمثال" 2/ 267.
(¬2) في (م): وإن لم.
(¬3) مروج الذهب 5/ 48 وتاريخ دمشق 68/ 291، وينظر "العقد الفريد" 1/ 99.
(¬4) ينظر "العقد الفريد" 3/ 244. ونُسب الكلام في (م) إلى المدائني.
(¬5) ينظر "عيون الأخبار" 1/ 318، وفيه: هل رأيت شيئًا من دنانير مصر؟ وبنحوه في "أنساب الأشراف" 4/ 93.
(¬6) في "أنساب الأشراف" 4/ 30: لعبد الرحمن بن الحكم بن العاص.
(¬7) في (ب) و (خ): فتغير. والمثبت من المصدر السابق. ولم يرد هذا الخبر في (م).
(¬8) في "أنساب الأشراف" 4/ 30: تهجن، وفي "تاريخ الطبري" 5/ 336: تعرّ.
(¬9) في (ب) و (خ): تستر، والمثبت من المصدرين السابقين.

الصفحة 69