كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

فإنْ تَأْتُوا بِبَرَّةَ أوْ بهندٍ ... نُبايِعْها أميرةَ مؤمنينا
أيا لَهَفي لَوَ أنَّ لنا رجالًا ... يكونوا مثلَنا متناسِقِينا
إذًا لضَرَبْتُكُمْ حتى تعودوا ... بمكة تلعقون بها السَّخِينا (¬1)
شَرِبْنا الغَبْنَ (¬2) حتى لو سُقِينا ... دماءَ بني أميَّةَ ما رَوينا
لقد ضاعَتْ رعيَّتُكُمْ (¬3) وأنتُمْ ... تصيدون الأرانبَ غافلينا
وبلغ معاويةَ فقال: ما تركَ ابنُ همَّام شيئًا، ذكرَ أمهاتِنا، وشربَ دماءَنا، وتأسَّفَ على رجال يقاتلوننا، اللهم اكْفِناه (¬4).
وشهد أعرابي عند معاوية بشهادة فقال: كذبتَ. فقال: كذب المتزمِّلُ في ثيابك يا أمير المؤمنين. فقال معاوية: هذا جزاء مَنْ عَجِل (¬5).
وضرب يزيد غلامًا له، فقال له معاوية: كيف ضربتَ من لا يستطيعُ امتناعًا منك (¬6)؟ !
واجتمع عمرو بنُ العاص وعبد الله بنُ عباس عند معاوية، فقال له عمرو: يا بني هاشم، أما واللهِ لقد تقلَّدتُم من دم [عثمان] كَفَرْمِ الإماء العوارك (¬7)، فأطعتم فُسَّاق أهلِ العراق في عَيْبه، وأجزرتموه مُرَّاق أهلِ مصر، وآويتُم قَتَلَتَه.
فالتفت ابنُ عباس إلى معاوية، فقال له: واللهِ ما تكلَّم ابنُ النابغة (¬8) إلا عن رأيك، وإنَّ أحقَّ الناس مَنْ طُلب منه دمُ عثمان لَأنتما (¬9).
أما (¬10) أنت يا معاوية؛ فزيَّنْتَ له ما صنع، حتى إذا حُصِرَ، طلبَ نُصرتك، فتربَّصتَ عليه وتثاقلتَ عنه حتى قُتل؛ وأحببتَ قَتْلَه لتنال ما نلتَ.
¬__________
(¬1) في (خ): السخونا. والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في المصدر السابق.
(¬2) في "أنساب الأشراف" 4/ 74: حُشينا الغيظ.
(¬3) في (ب): رويَّتكم، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في "أنساب الأشراف".
(¬4) بنحوه في "أنساب الأشراف" 4/ 74 - 75.
(¬5) أنساب الأشراف 4/ 88.
(¬6) المصدر السابق 4/ 92.
(¬7) الفَرْمُ: دواء تتضيَّقُ به المرأة، وعوارك جمع عارك، أي: حائض. ينظر "القاموس".
(¬8) يعني عمرو بن العاص - رضي الله عنه -، أمه النابغة بنت خزيمة، وكان يعيَّر بها.
(¬9) في "أنساب الأشراف" 4/ 109: وإن أحقّ الناس أن لا يتكلم في قتل عثمان لأنتما.
(¬10) في (ب) و (خ): لها، بدل: أما (؟ ) والمثبت من المصدر السابق.

الصفحة 75