كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

فأشار إليه معاوية: أنْ أَعْطِهِم شيئًا (¬1)
ومن الوافدين على معاوية:

ثَوْبُ (¬2) بن تُلْدَة الوالبي الأسدي
أحد المُعمَّرين المخضرمين، عاشَ مئتين وأربعين سنة، وفدَ على معاوية.
وقال في سنِّه وعُمرهِ:
وإنَّ امرءًا قَدْ عاشَ عشرين حَجَّةً ... إلى مئتين كلُّها هو دائبُ
لَرَهْنٌ لأحداثِ المنايا وإنَّما ... يُلَهِّيهِ في الدنيا مُناهُ الكواذبُ
دخل على معاوية فقال له: كيف بصرُك؟ قال: أحدُّ ما كان. قال: فكيف مشيُك؟ قال: كنتُ أمشي، فأنا اليومَ أُهَرْول. قال: أدركتَ أميةَ بنَ عبد شمس؟ قال: نعم، رأيتُه وهو أعمى وله عبدٌ يقودُه، ولقد رأيتُه يطوف بالبيت، فلا أدري أنِّي (¬3) أكبر أم هو. قال: فكيف أكلُك؟ قال: كنتُ آكلُ مرَّةً، فأنا آكلُ اليوم مرتين، وكنتُ أرى هلالًا واحدًا، وأنا اليوم أراه هلالين.
وهو القائل (¬4):
لقد عَلِمَتْ بالقادسيَّة أنَّني ... صبورٌ على اللَّأْواء عَفُّ (¬5) المكاسب
أخوضُ بسيفي غمرةَ الموت مُعْلِمًا ... وأقدمُ إقدامَ امرئٍ غيرِ هائبِ (¬6)
¬__________
(¬1) تاريخ دمشق 5/ 163، وتتمة قول معاوية فيه: فإنك لا تعطي أحدًا شيئًا. وينظر "تهذيب الكمال" 6/ 555 - 560.
(¬2) بفتح الثاء وسكون الواو، أو بضم الثاء وفتح الواو. ينظر "توضيح المشتبه" 2/ 103 - 104. وذكره ابن حجر في "الإصابة" 2/ 32 في القسم الثالث من حرف الثاء فقال: ثور بن تلدة، ويقال: ثوب، بالموحَّدة ..... وقال: أنشد له المرزباني شعرًا فيما أنشده الآمدى لغيره. وانظر الكلام بعد تعليق.
(¬3) في "مختصر تاريخ دمشق" 5/ 350: أنا.
(¬4) نسب الآمدي الشعر في "المؤتلف والمختلف" ص 79 لنُسير بن ثور العجلي. وذكر ابن حجر نُسير هذا في القسم الثالث من حرف النون في "الإصابة" 10/ 208 وقال: (له إدراك، وشهد الفتوح في عهد عمر، منها القادسية). ثم ذكر له البيت الأول.
(¬5) في (خ): كف، وفي (ب): لكف. والمثبت من "المؤتلف والمختلف" ص 79، و "الإصابة" 10/ 208.
(¬6) في "المؤتلف والمختلف": هارب.

الصفحة 83