كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 8)

وخطب إلى معاوية ولم يُزوِّجه (¬1).

عُبَيد (¬2) بن سَرِيَّة الجُرْهُمي
عاش ثلاث مئة سنة (¬3)، وأدرك الإسلام، وأسلم، وقصد معاويةَ بالشام، فقال له: كيف وجدتَ الدنيا؟ فقال: يوم كيوم، وليلة كليلة. فقال له معاوية: ما أحسنُ الأشياءِ في عينك؟ قال: عينٌ خرَّارة في أرضٍ خَوَّارة. قال: ثم ماذا؟ قال: فَرَسٌ في بطنها فَرَس. قال: أَقِمْ عندنا. قال: إن أبي وأمي هلكا في مثل هذه السنة، ونفسي تحدِّثُني أني هالك فيها، فلا حاجة لي في المُقام عندك. فقال له معاوية: سلني حاجتَك. فقال: أمَّا الآخرةُ فإنَّها بيد غيرك، وأمَّا الدُّنيا فما تقدرُ على ردِّ شبابي، فما أسألُك؟ فقال: هل رأَيتَ حَرْبًا؟ يعني جدَّه. قال: رأيتُ أميةَ أعمى (¬4) يقودُه غلامٌ له يقال له: ذكوان. فقال: لا تقل هذا، فإنَّهم سادةُ الحيّ. فقال: قد قلتُ ما رأيتُ، فقُلْ أنتَ ما شئتَ (¬5).

عمرو بن عامر السلمي
دخل على معاوية وهو شيخ كبير يُرْعَشُ، فقال له معاوية: كيف تجدُك يا عمرو؟ فقال: أحببتُ (¬6) النساء وكنَّ الشفاء (¬7)، وفقدتُ المَطْعَمَ وكان المَنْعَم، وثقُلْتُ على وجه الأرض، وقَرُبَ بعضي من بعض، فنومي سُبات، وفهمي هَفَوات (¬8)، وسمعي تارات. قال: فهل قلتَ في ذلك شعرًا؟ قال: نعم، فأنشده:
¬__________
(¬1) أنساب الأشراف 4/ 54.
(¬2) تحرف "عبيد" في (ب) و (خ) إلى: "عسل"، والترجمة ليست في (م).
(¬3) هذه رواية الكلبي ذكرها ابن عساكر، وذكر في رواية أخرى أنه عاش مئتين وعشرين سنة، والله أعلم بصحة ذلك. تاريخ دمشق 45/ 42 - 43 (طبعة مجمع دمشق).
(¬4) في (خ): عمي. وسلف مثل هذه القصة في ترجمة ثوب بن تلدة ص 83، والله أعلم.
(¬5) تاريخ دمشق 45/ 42 - 43 (طبعة مجمع دمشق).
(¬6) في "الإصابة" 7/ 279: اجْتَنَبْتُ. وهو الأشبه (وقد ذكره ابن حجر فيه في القسم الثالث من حرف العين).
(¬7) في (ب) و (خ): للسفاد. والمثبت من المصدرين السابقين. والترجمة ليست في (م).
(¬8) ويمكن أن تُقرأ أيضًا في النسختين (ب) و (خ): هنوات. وفي "تاريخ دمشق" 55/ 272: هنات.

الصفحة 89