إذا ذهبَ القَرْنُ الذي أنتَ فيهمُ ... وخُلِّفْتَ في قَرْنٍ فأنتَ غريبُ
وما للعظامِ البالياتِ من البِلَى ... شفاءٌ وما للرُّكبَتين طبيبُ
وإنَّ امْرَأً قد سارَ تسعين حِجَّةً (¬1) ... إلى مَنْهلٍ من ورْدِهِ لَقريبُ
فقال له معاوية: ما تُحبُّ؟ قال: عشرةَ آلاف درهم، أَقضِي بها ديني، وعشرةَ آلاف درهم أَقسِمُها في أهلي وعَشيرتي، وعشرةَ آلاف درهم أُنفقُها بقيَّةَ عُمُري. فقال له معاوية: نعم. فضرب له بكلِّ عشرةٍ مئةً، فأطلقَ له ثلاث مئة ألف درهم، فقبضَها ورحل.
ذكر الوافدات على معاوية:
بَكَّارَة الهلاليَّة
كانت قد أسنَّتْ وعَشِيَ بصرُها.
[وقيل: إنها] دخلَت عليه لَمَّا قدم المدينة، فقال لها: كيف أنتِ يا خالة؟ فقالت: بخير. قال: غَيَّركِ الدهر! فقالت: الدهرُ ذو غِيَر (¬2)، مَنْ عاشَ كَبِرَ، ومن ماتَ قُبِرَ.
وكان عنده مروان، فقال: وهي القائلة:
أترى ابنَ هندٍ للخلافةِ مالكًا ... هيهاتَ! ذاك -وإنْ أراد- بعيدُ
مَنَّتْك (¬3) نفسُك بالخلافة ضَلَّةً (¬4) ... أغواك عمرو (¬5) والشقيُّ سعيدُ (¬6)
فقال سعيد بن العاص: وهي القائلة:
قد كنتُ أطمعُ أن أموتَ ولا أرى ... فوقَ المنابرِ من أميَّةَ خاطبا
فاللهُ أخَّرَ مُدَّتي فتطاولَتْ ... حتى رأيتُ من الزمان عجائبا (¬7)
¬__________
(¬1) أي: سنةً.
(¬2) أي: ذو أحوال وأحداث متغيّرة.
(¬3) في (ب) و (خ): مسكت. والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في "العقد الفريد" 2/ 105.
(¬4) في (م): ظله. وفي "العقد الفريد": في الخلاء ضلالةً.
(¬5) في (م): أعوان عمرو، وضبطت فيها الراء بتنوين الكسر.
(¬6) في "العقد الفريد" 2/ 105: أغراك عمرو للشقا وسعيدُ.
(¬7) في (ب) و (خ): عجيبا. والمثبت من (م)، وهو الموافق لما في "العقد الفريد".