كتاب مستخرج أبي عوانة ط الجامعة الإسلامية (اسم الجزء: 8)

باب بيان الشِّدَّة على البخيل في إخراج الصدقة وصعوبتها عليه وإن أردا إخراجها، وخفت إخراجها على السَّخيِّ وتهوينها عليه.
3491 - حدثنا سعدان بن نصر (¬1)، وشعيب بن عمرو الدمشقي (¬2)، قالا حدثنا: سفيان بن عيينة، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "مثل المُنْفِق والبخيل كمثل رجلين عليهما جُنَّتان (¬3) من حديد من لَدُن ثَدْييهما إلى تَراقِيهما (¬4)، فإذا أراد المُنْفِق أن ينفق سَبَغَت (¬5) عليه الدِّرع (¬6)، ومَرَّت حتى تُجِنَّ بنانه (¬7)، وتَعْفُو أثره، وإذا أراد البخيل أن ينفق قَلَصَت" (¬8).
-[471]- قال سعدان: "قبضت عليه الدِّرع ولَزِمَت كل حَلقة موضعها حتى أخذت بعنقه أو تَرْقُوَته، فهو يوسِعُها وهي لا تتسع" (¬9).
¬_________
(¬1) ابن منصور، أبو عثمان البزاز البغدادي. اسمه سعيد فلقب بسعدان.
(¬2) شعيب بن عمرو بن نصر، ويقال: ابن عمرو بن سهل، أبو محمد الضبعي.
(¬3) جُنَّتان: أي وِقَايَتان.
انظر: النهاية (1/ 308) مادة جنن.
(¬4) التَّراقِي: جمع تَرْقُوَة بفتح التاء وضم القاف، عظم بين ثغرة النحر والعاتق.
انظر: مشارق الأنوار (1/ 121) مادة ترق.
(¬5) أي: كملت واتسعت، وامتدت وطالت.
انظر: مشارق الأنوار (2/ 292، 206) مادة سبغ، ووفر.
(¬6) ضرب من البرود. انظر: المصدر نفسه (1/ 256) مادة درع.
(¬7) أي تُغطيه وتستره. انظر: المصدر السابق نفسه.
(¬8) قال الخطابي: هذا مثل ضربه الرسول -صلى الله عليه وسلم- للجواد المنفق والبخيل الممسك، وشبههما =
-[471]- = برجلين، أراد كل واحد منهما أن يلبس درعًا يستتر بها، والدرع أول ما يلبسها تقع على الصدر والثديين إلى أن يسلك يديه في كمَّيها، ويرسل ذيلها على أسفل يديه، فجعل مثل الجواد مثل رجل لبس درعا سابغة، فاستمرت حتى سترت جميع بدنه، وحصنته، وجعل مثل البخيل مثل رجل كانت يداه مغلولتين إلى عنقه، ثابتتين دون صدره، فإذا لبس الدرع، حالت يداه بينها وبين أن تمر على البدن، فاجتمعت في عنقه، ولزمت ترقوته، فكانت ثقلا ووبالا عليه من غير تحصين لبدنه.
وحقيقة المعنى: أن الجواد إذا هم بالنفقة، اتسع لذلك صدره، وطاوعته يداه، فامتد بالعطاء والبذل، والبخيل يضيق صدره وتنقبض يده عن الإنفاق في المعروف.
أعلام الحديث للخطابي (1/ 769) مختصر بمعناه، وانظر: شرح السنة للبغوي (3/ 415).
(¬9) أخرجه مسلم في صحيحه (الزكاة -باب مثل المنفق والبخيل 2/ 708، ح 1021/ 75) من طريق ابن عيينة به نحوه، وهو متفق عليه أخرجه البخاري في الجامع الصحيح (الزكاة -باب مثل المتصدق والبخيل 2/ 115، ح 1443) من طريق أبي الزناد به نحوه أيضًا.

الصفحة 470