كتاب روح البيان (اسم الجزء: 8)

فى مقام الحضرة الا الخمول والذبول فَلَمَّا قُضِيَ أتم وفرغ من تلاوته وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ انصرفوا الى قومهم مقدرين إنذارهم عند رجوعهم اليه يعنى آمنوا به وأجابوا الى ما سمعوا ورجعوا الى قومهم منذرين ولا يلزم من رجوعهم بهذه الصفة ان يكونوا رسل رسول الله عليه السلام إذ يجوز ان يكون الرجل نذيرا ولا يكون نبيا او رسولا من جانب أحد فالنذارة فى الجن من غير نبوة وقد سبق بقية الكلام فى سورة الانعام عند قوله تعالى يا معشر الجن والانس الآية روى ان الجن كانت تسترق السمع فلما حرست السماء ورجموا بالشهب قالوا ما هذا إلا لنبأ حدث فنهض سبعة نفر او ستة نفر من اشراف جن نصيبين ورؤسائهم ونصيبين بلد قاعدة ديار ربيعة كما فى القاموس وقال فى انسان العيون هى مدينة بالشام وقيل باليمن اثنى عليها رسول الله عليه السلام بقوله رفعت
الى نصيبين حتى رأيتها فدعوت الله ان يعذب نهزها وينضر شجرها ويكثر مطرها وقيل كانوا من ملوك جن نينوى بالموصل واسماؤهم على ما فى عين المعاني شاصر ناصر دس مس از دادنان احقم وكفته اند نه عدد بود وهشتم عمرو ونهم سرق وزوبعة بفتح الزاى المعجمة والباء الموحدة از ايشان بوده واو پسر إبليس است وقال فى القاموس الزوبعة اسم شيطان او رئيس الجن فتكون الأسماء عشرة لكن الاحقم بالميم او الاحقب بالباء وصف لواحد منهم لا علم وقال ابن عباس رضى الله عنهما تسعة سليط شاصر ماصر حاصر حسا مسا عليم أرقم ادرس فضربوا فى الأرض حتى بلغوا تهامة وهى بالكسر مكة شرفها الله تعالى وارض معروفة لا بلد كما فى القاموس ثم اندفعوا الى وادي نخلة عند سوق عكاظ ونخلة محلة بين مكة والطائف ونخلة الشامية واليمانية واديان على ليلة من مكة وعكاظ كغراب سوق بصحراء بين نخلة والطائف كانت تقوم هلال ذى القعدة وتستمر عشرين يوما تجتمع قبائل العرب قيتعا كظون اى يتفاخرون وبتناشدون ومنه الأديم العكاظي فوافوا اى نفر الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم اى صادفوه ووجدوه وهو قائم فى جوف الليل يصلى اى فى وسطه وكان وحده او معه مولاه زيد بن حارثة رضى الله عنه وفى رواية يصلى صلاة الفجر إذ كان إذ ذاك مأمورا بركعتين بالغداة وبركعتين بالعشي فهى غير صلاة الفجر التي هى احدى الخمس المفترضة ليلة الإسراء إذ الحيلولة بين الجن وبين خبر السماء بالشهب كانت فى أوائل الوحى وليلة الإسراء كانت بعد ذلك بسنين عديدة فاستمعوا لقراءته عليه السلام وكان يقراطه وذلك عند منصرفه من الطائف حين خرج إليهم يستنصرهم على الإسلام والفيام على من خالفه من قومه فلم يجيبوه الى مطلوبه واغروا به سفهاء هم فآذوه عليه السلام أذى شديدا ودقوا رجليه بالحجارة حتى ادموها كما سبق نبذة منه فى آخر التوبة وكان اقام بالطائف يدعوهم عشرة ايام وشهرا واقام بنخلة أياما فلما أراد الدخول الى مكة قال له زيد كيف تدخل عليهم يعنى قريشا وهم قد أخرجوك اى كانوا سببا لخروجك وخرجت لتستنصرهم فلم تنصر فقال يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله ناصر دينه ومظهر نبيه فسار عليه السلام الى جبل حرآء وبعث الى مطعم بن عدى وقد مات كافرا قبل بدر بنحو سبعة أشهر يقول له انى داخل مكة فى جوارك فأجابه الى ذلك فدخل عليه السلام مكة ثم تسلح

الصفحة 487