كتاب المختصر الفقهي لابن عرفة (اسم الجزء: 8)

بينهما بأن يجعل حظ العامل بقدر ما يساوي عمله مما رضيه عوضًا لو صح العقد فيكون له بقيمة ذلك.
قُلتُ: اللفظ الذي حكاه ابن رشد عن القاضي في تفسير كلام ابن القصار أبين من اللفظ الذي حكاه ابن شاس، فواجب تفسيره به لبيانه واتحاد قائله، ومن في مما رضيه في لفظ ابن شاس الأقرب أنها سببية، وقوله: رضيه عوضًا؛ أي: شرطًا، وقوله: بقيمة ذلك، أي: بقيمة عمله راضيًا بما شرط، وعبر عنه ابن الحاجب بقوله: قيل كلاهما في الذمة فيقدر تقويم جزء الربح لو صح العقد، وهذا أيضًا يجب تفسيره بذلك لاتحاد المنقول عنه وتقريره مصرحا أي بما أضمر فيه، أي فالواجب للعامل كائن بقدر تقويم عمل جزء الربح معتبر فيه ما دخلا عليه لو صح ذلك فيه، وإضافته العمل لجزء الربح إضافة السبب للمسبب.
وقال ابن عبد السلام: معناه أن الفرق بينهما من حيث الكثرة والقلة؛ لأن الشروط في القراض توجب فساده وصعوبة العمل على العامل ولا سيما إن كانت على العامل، فإذا أوجبنا إجارة المثل قدرنا عوض العمل مجردًا عن تلك الشروط، إذ لو عثر على القراض قبل تمامه لفسخت الإجارة على ظاهر المذهب لأجل تلك الشروط فلا يكون لها عوض، وفي قراض المثل يعتبر عمل العامل بقيد تلك الشروط إذ لو عثر عليه بعد شغله وقبل تمامه لحكمنا فيه بالتمادي فينتج ذلك كثرة العوض وقلته، وهذا نحو ما قررناه إلا أنه بناه على وجوب فسخ الإجارة إذا اطلع عليها قبل التمام وعدم فسخ القراض إذا اطلع عليه قبل التمام، وفيه نظر؛ لأن الفرض أنه إنما طلع عليهما بعد التمام، وتقدم جواز خلطه بما بيده وله أو لغيره ومنع شركته به، وينبغي تقييد خلطه بما لم يخالطه حرام أو شبهة والمال الذي تحفظ في كسبه، وسمع عيسى رواية ابن القاسم: إن زعم عامل بمالين أنه ربح خمسين دينارا لا يدري لأيهما هي فلا شيء له، ولكل من صاحب المالين خمسة وعشرون.
ابن رشد: هذا خلاف سماع عيسى في رسم يوصي من كتاب الدعوى والوديعة يقر بها لرجلين لا يدري لمن هي منهما أنهما يحلفان ويقتسمانها بعد أيمانهما بخلاف إقراره

الصفحة 24