كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)

ورواه ابن أبي ذئب (¬1) عن الزهري قال: بلغني أن ناقة البراء.
وأخرجه البيهقي (¬2) من هذه الطرق المذكورة مع الاختلاف. وقال الشافعي (¬3) رحمه الله تعالى: أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله. قال البيهقي (¬4): وروينا عن الشعبي عن شريح، أنه كان يُضَمِّن ما أفسدت الغنم بالليل، ولا يُضَمِّن ما أفسدت بالنهار. ويتأول هذه الآية: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ} (¬5). وكان يقول: النفش بالليل. وأخرج عن الشعبي قال: أتي شريح بشاة أكلت عجينًا، فقال: نهارًا أو ليلًا؟ قالوا: نهارًا. فأبطله، وقرأ: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}. وقال: إنما النفش بالليل. وفي رواية قتادة عن الشعبي: أن شريحًا رفعت إليه شاة أصابت غزلًا، فقال الشعبي: أبصروه؛ فإنه سيسألهم: أبليل كان أم بنهار؟ فسألهم، فقال: إن كان بليل فقد ضمنتم، وإن كان بنهار فلا ضمان عليكم. قال: وقال: النفش بالليل، والهمل بالنهار. وروى مرة عن مسروق: {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}. قال: كان كرمًا، فدخلت فيه ليلًا، فما تركت فيه خضرًا.
والحديث فيه دلالة على أنه لا يضمن مالك البهيمة ما جنته في النهار؛ لأنه يعتاد إرسالها بالنهار، ويضمن ما جنته [بالليل] (أ)؛ لأنه يعتاد حفظها
¬__________
(أ) ساقط من: الأصل.
__________
(¬1) ينظر التلخيص الحبير 4/ 87.
(¬2) البيهقي 8/ 341، 342، ومعرفة السنن 6/ 485، 487.
(¬3) ينظر معرفة السنن 6/ 487.
(¬4) البيهقي 8/ 342.
(¬5) الآية 78 من سورة الأنبياء.

الصفحة 502