كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)
النزاع، فيجب المصير إليه، ويؤيده من جهة النظر أن الكافرة الأصلية تسترق، فتكون غنيمة للمجاهدين، والمرتدة لا تسترق عندهم، فلا تغنم، فلا يترك قتلها، وأيضًا اشتراك الرجال والنساء في الحدود كلها؛ الزنى وغيره، ومن جملة الحدود رجم المحصنة، فهو مخصص [الحديث] (أ) النهي عن قتل النساء.
وظاهر الحديث إطلاق التبديل، [فيتناول] (ب) من تنصر بعد أن كان يهوديًّا، وغير ذلك من الأديان الكفرية، وقد ذهب إلى هذا الشافعية، وسواء كان من الأديان التي يقرر عليها بالجزية أم لا؛ لإطلاق هذا اللفظ. وأجاب بعض الحنفية بأن المراد بالتبديل إنما هو بكفر بعد إسلام، وإطلاق الحديث متروك الظاهر اتفاقًا في حق الكافر إذا أسلم، فإنه كان متناولًا له الإطلاق، وبأن الكفر ملة واحدة، فلو تنصر اليهودي لم يخرج عن دين الكفر، فكأن المراد: من بدل دين الإسلام بدين آخر؛ لأن الدين في الحقيقة هو الإسلام، قال الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (¬1). وإن كان ظاهر قوله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} (¬2). وظاهره أن غير الإسلام يسمى دينًا، وأنه لن يقبل منه. وأجيب بأن الآية ظاهرة فيمن ارتد عن الإسلام أنه لا يقر على ذلك، ولم يكن في الآية أيضًا أنه لا يقر على جزية، وإنما عدم القبول والخسران في الآخرة، ومع كونه يُقرر بالجزية صادقًا
¬__________
(أ) في الأصل، جـ: بحديث. والمثبت يقتضيه السياق.
(ب) في الأصل: فتناول.
__________
(¬1) الآية 19 من سورة آل عمران.
(¬2) الآية 85 من سورة آل عمران.
الصفحة 508
515