كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)
{لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} (¬1). وقوله: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (¬2).
1001 - وعن ابن عباس، أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقع فيه، فينهاها فلا تنتهي، فلما كان ذات ليلة أخذ المعول فجعله في بطنها، واتكأ عليها فقتلها، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "ألا اشهدوا أن دمها هدْر". رواه أبو داود (¬3) ورواته ثقات.
الحديث فيه دلالة على أنه يقتل من سب النبي - صلى الله عليه وسلم - ويهدر دمه، فإن كان مسلمًا كان سب النبي - صلى الله عليه وسلم - ردة عن الإسلام؛ فيقتل، قال ابن بطال (¬4): من غير استتابة. ونقل ابن المنذر (¬5) عن الليث والأوزاعي أنه يستتاب، وإن كان من أهل العهد فإنه يقتل إلا أن يسلم، ونقل ابن المنذر (5) عن الليث [و] (أ) الشافعي وأحمد وإسحاق أنه يقتل أيضًا من غير استتابة، وعن الكوفيين أنه يعزَّر المعاهد ولا يقتل، واحتج الطحاوي على ذلك بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتل اليهود الذين قالوا: "السام عليك" (¬6). ولو كان هذا من مسلم لكان ردة؛ لأن ما هم عليه من الكفر أشد من السب، وقد يقال: إن دماءهم إنما حقنت بالعهد، وليس في العهد أنهم يسبون النبي - صلى الله عليه وسلم - فمن سبَّه منهم انتقض عهده، فيصير كافرًا بلا عهد، فيهدر دمه إلا أن يسلم. والله أعلم.
¬__________
(أ) في الأصل: عن.
__________
(¬1) الآية 38 من سورة الأنفال.
(¬2) الآية 53 من سورة الزمر.
(¬3) أبو داود، كتاب الحدود، باب الحكم فيمن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - 4/ 127 ح 4361.
(¬4) شرح صحيح البخاري لابن بطال 8/ 581.
(¬5) ينظر الإشراف على مذاهب أهل العلم 3/ 160.
(¬6) البخاري 11/ 41 ح 6256، ومسلم 4/ 1706 ح 2165.
الصفحة 513
515