كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)

به حال الإكراه، وأسقط عنه أحكام الكفر، فكذلك يسقط عن المكره ما دون الكفر؛ لأن الأعظم إذا سقط سقط ما هو دونه بطريق الأولى.

891 - وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا حرم امرأته ليس بشيءٍ. وقال: لقد كان لكم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوةٌ حسنةٌ. رواه البخاري (¬1). ولمسلم (¬2): إذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها.
الحديث فيه دلالة على أن تحريم الزوجة لا يكون طلاقًا، وهو المراد يقوله: ليس بشيء. وإن كان يلزمه كفارة يمين، وقد روى البخاري (¬3) بالإسناد الذي روى به هذه الرواية المطلقة زيادة "يكفر". وأخرج الإسماعيلي (¬4) من طريق محمد بن المبارك الصوري، عن معاوية بن سلام، بإسناد هذا الحديث: إذا حرم الرجل امرأته، فإنما هي يمين يكفرها. فعرف أن المراد بقوله: ليس بشيء. أي ليس بطلاق. وأخرج النسائي (¬5)، وابن مردويه، من طريق سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن رجلًا جاءه، فقال: إني جعلت امرأتي علي حرامًا. قال: كذبت، ما هي عليك بحرام. ثم تلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (¬6). قال له: عليك رقبة. انتهى.
¬__________
(¬1) البخاري، كتاب الطلاق، باب لم تحرم ما أحل الله لك 9/ 374 ح 5266.
(¬2) مسلم، كتاب الطلاق، باب وجوب الكفارة على من حرم امرأته 2/ 110 ح 1473/ 19.
(¬3) البخاري 8/ 656 ح 4911.
(¬4) الفتح 9/ 376.
(¬5) النسائي في الكبرى 3/ 356، 6/ 495، ح 5613، 1169.
(¬6) الآية 1 من سورة التحريم.

الصفحة 55