كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)

فقال: قال الله تعالى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} (¬1). وأنت رجل تلعب، فاذهب فالعب. وهذا قول الظاهرية، والحجة على هذا أن التحريم والتحليل إنما هو إلى الله تعالى، كما قال تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ} (¬2). وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (¬3). فإذا لم يجعل لنبيه أن يحرم، فكيف يجعل لغيره التحريم؟! قالوا: وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد" (¬4). والتحريم كذلك، فيكون مردودًا باطلا، ولأنه لا فرق بين تحليل الحرام وتحريم الحلال، فكما كان الأول باطلًا يكون الثاني كذلك. وقوله: هي علي حرام. إن أراد به الإنشاء فإنشاء التحريم ليس إليه، وإن أراد به الإخبار فهو كذب، قالوا: ونظرنا إلى ما عدا هذا القول، فوجدناها أقوالًا مضطربة لا برهان عليها من الله، فتعين القول بهذا.
الثاني، أن تحريم الزوجة طلاق ثلاث. وهذا رواه ابن حزم (¬5) عن علي ابن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن عمر. وهو قول الحسن ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى (¬6). وروي عن الحكم بن عتيبة. ورواه في "البحر" أيضًا عن علي وزيد بن ثابت. قال ابن القيم (¬7): الثابت عن زيد بن ثابت
¬__________
(¬1) الآيتان 7، 8 من سورة الشرح.
(¬2) الآية 116 من سورة النحل.
(¬3) الآية 1 من سورة التحريم.
(¬4) تقدم تخريجه ص 43.
(¬5) المحلى 11/ 384.
(¬6) مصنف عبد الرزاق 6/ 403 ح 11382، 11383، والمحلى 11/ 384.
(¬7) زاد المعاد 5/ 303.

الصفحة 57