كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)

النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن عقد على ابنة الجون، وإنما أرسل إليها ليخطبها، قالوا: ويدل على ذلك ما جاء في حديث أبي أسيد في "صحيح البخاري" (¬1) أنه قال لها: "هبي لي نفسك". فقالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأهوى ليضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك. ولكنه يبعده قوله: فأهوى ليضع يده عليها. وفي رواية: فلما دخل عليها (¬2). فإن مثل ذلك لا يكون إلا مع زوجة، وإن كان الدخول يحتمل أنه لم يرد به الدخول على الزوجة، وإنما هو الدخول إلى المحل للخطبة منها، وعرض الأمر عليها، والنبي - صلى الله عليه وسلم - له أن يتزوج من [غير] (أ) عقد الولي له، ومن غير إذن الزوجة، فكان مجرد إرساله إليها أو إحضارها ورغبته فيها كافيًا في ذلك، ويكون قوله: "هبي لي نفسك". تطييبًا لخاطرها واستمالة لقلبها، ويؤيده قوله في رواية لابن سعد (¬3): أنه اتفق مع أبيها على مقدار صداقها، وأن أباها قال له: إنها رغبت فيك.
واعلم أن التي لم يدخل بها النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يضرب عليها الحجاب، لا يكون لها حكم زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحريم النكاح على الغير، كما روي أنه تزوج بهذه المهاجر بن أبي أمية، فأراد عمر معاقبتها، فقالت: ما ضرب علي الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين. فكف عنها (¬4). وعن الواقدي (¬5):
¬__________
(أ) ساقطة من: الأصل.
__________
(¬1) البخاري 9/ 356 ح 5255.
(¬2) هي رواية البخاري السابقة.
(¬3) ابن سعد 8/ 143.
(¬4) ابن سعد 8/ 147.
(¬5) ابن سعد 8/ 146، 147.

الصفحة 71