كتاب البدر التمام شرح بلوغ المرام (اسم الجزء: 8)

شهرًا". من شدة موجدته عليهن حين (أ) عاتبه الله. وهذا أيضًا مبهم، وذكر محمد بن الحسن المخزومي في كتابه "أخبار المدينة" بسند له مرسل أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يبيت في المشربة، ويقيل عند أراكة على خلوة بئر كانت هناك. والمراد بالمعاتبة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ} الآية (¬1). وفي "الصحيحين" أن الذي حرم على نفسه العسل (¬2)، أو تحريم مارية (¬3). ووقع في رواية يزيد بن رومان عن عائشة عند ابن مردويه (¬4) بالجمع بين القولين، وفي آخره بعد أن ذكر قصة العسل أن حفصة في يومها استأذنته أن تأتي أباها، فأذن لها فذهبت، فأرسل إلى جاريته مارية فأدخلها بيت حفصة، قالت حفصة: فرجعت فوجدت الباب مغلقًا، فخرج ووجهه يقطر، وحفصة تبكي، فعاتبته، فقال: "أشهدك أنها علي حرام، انظري لا تخبري بهذا امرأة، وهي عندك أمانة". فلما خرجت قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشرك، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد حرم أمته. فنزلت.
وأخرج ابن مردويه (4) من طريق الضحاك عن ابن عباس أنها وجدت معه مارية، فقال: "لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة، إن أباك يلي هذا الأمر
¬__________
(أ) في جـ: حتى.
__________
(¬1) الآية 1 من سورة التحريم.
(¬2) البخاري 8/ 656 ح 4912، ومسلم 2/ 100 ح 1474.
(¬3) النسائي 7/ 71، والحاكم 2/ 493، وينظر الفتح 8/ 657، والدر المنثور 6/ 239، 240.
(¬4) الفتح 9/ 289.

الصفحة 99