كتاب البداية والنهاية ط الفكر (اسم الجزء: 8)

سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُقَيْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ قال قال على: إن الأمر ينزل إلى السَّمَاءِ كَقَطْرِ الْمَطَرِ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهَا مِنْ زِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ فِي نَفْسٍ أَوْ أَهْلٍ أَوْ مَالٍ، فَمَنْ رَأَى نَقَصَا فِي نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ، ورأى لغيره عثرة فَلَا يَكُونَنَّ ذَلِكَ لَهُ فِتْنَةً، فَإِنَّ الْمُسْلِمَ ما لم يعش دناه يظهر تخشعا لها إذا ذكرت، ويغرى به لئام الناس، كالبائس العالم ينتظر أول فورة مِنْ قِدَاحِهِ تُوجِبُ لَهُ الْمَغْنَمَ، وَتَدْفَعُ عَنْهُ الْمَغْرَمَ فَكَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الْبَرِيءُ مِنَ الْخِيَانَةِ بَيْنَ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ، إِذَا مَا دَعَا اللَّهَ، فَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَرْزُقَهُ اللَّهُ مَالًا فَإِذَا هُوَ ذُو أَهْلٍ وَمَالٍ ومعه حسبه ودينه، وإما أن يعطيه الله في الآخرة فالآخرة خير وأبقى، الحرث حرثان فحرث الدنيا المال والتقوى، وَحَرْثُ الْآخِرَةِ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ، وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا اللَّهُ تعالى لأقوام. قال سفيان الثوري: وَمَنْ يُحْسِنُ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ إِلَّا على؟ وقال عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ عَنْ مُهَاجِرٍ الْعَامِرِيِّ قَالَ: كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَهْدًا لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ عَلَى بَلَدٍ فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ فَلَا تُطَوِّلَنَّ حِجَابَكَ عَلَى رَعِيَّتِكَ، فَإِنَّ احْتِجَابَ الْوُلَاةِ عَنِ الرَّعِيَّةِ شُعْبَةُ الضِّيقِ، وَقِلَّةُ عِلْمٍ بِالْأُمُورِ، وَالِاحْتِجَابُ يَقْطَعُ عَنْهُمْ عِلْمَ مَا احْتُجِبُوا دُونَهُ، فَيَضْعُفُ عِنْدَهُمُ الْكَبِيرُ، وَيَعْظُمُ الصَّغِيرُ، وَيَقْبُحُ. الْحَسَنُ، وَيَحْسُنُ الْقَبِيحُ، وَيُشَابُ الْحَقُّ بِالْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا الْوَالِي بشر لا يعرف ما يوارى عَنْهُ النَّاسُ بِهِ مِنَ الْأُمُورِ، وَلَيْسَ عَلَى القوم سِمَاتٌ يُعْرَفُ بِهَا ضُرُوبُ الصِّدْقِ مِنَ الْكَذِبِ، فَتَحَصَّنْ مِنَ الْإِدْخَالِ فِي الْحُقُوقِ بِلِينِ الْحِجَابِ، فإنما أنت أحد الرجلين، إما أمرؤ شحت نَفْسُكَ بِالْبَذْلِ فِي الْحَقِّ فَفِيمَ احْتِجَابُكَ مِنْ حق واجب عليك أن تعطيه؟
وخلق كريم تسد بِهِ؟ وَإِمَّا مُبْتَلًى بِالْمَنْعِ وَالشُّحِّ فَمَا أَسْرَعَ زوال نعمتك، وما أَسْرَعَ كَفَّ النَّاسِ عَنْ مَسْأَلَتِكَ إِذَا يَئِسُوا من ذلك، مَعَ أَنَّ أَكْثَرَ حَاجَاتِ النَّاسِ إِلَيْكَ مَا لا مؤنة فيه عليك من شكاية مَظْلَمَةٍ أَوْ طَلَبِ إِنْصَافٍ، فَانْتَفِعْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ وَاقْتَصِرْ عَلَى حَظِّكَ وَرُشْدِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: كَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: رُوَيْدًا فَكَأَنْ قَدْ بَلَغْتَ الْمَدَى، وَعُرِضَتْ عَلَيْكَ أَعْمَالُكَ بِالْمَحَلِّ الَّذِي يُنَادِي الْمُغْتَرُّ بِالْحَسْرَةِ، وَيَتَمَنَّى الْمُضَيِّعُ التَّوْبَةَ، وَالظَّالِمُ الرَّجْعَةَ. وَقَالَ هُشَيْمٌ: أَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ الشِّعْرَ، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ الشِّعْرَ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ الشِّعْرَ، وَكَانَ عَلِيٌّ أَشْعَرَ الثَّلَاثَةِ. وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ فَذَكَرَهُ. وَقَالَ أَبُو بكر بن دريد قال وأخبرنا عن دماد عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ:
كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إِلَى على: يا أبا الحسن إلى لِي فَضَائِلَ كَثِيرَةً، وَكَانَ أَبِي سَيِّدًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَصِرْتُ مَلِكًا فِي الْإِسْلَامِ، وَأَنَا صِهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَالُ المؤمنين، وكاتب الوحي. فقال على:
أبا الفضائل يَفْخَرُ عَلَيَّ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ؟ ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ يَا غُلَامُ
مُحَمَّدٌ النَّبِيُّ أَخِي وَصِهْرِي ... وَحَمْزَةُ سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ عَمِّي

الصفحة 8