كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 8)

العطية (¬1) القليلة. قال: وهذا حث على المكارم بأوجز لفظ ويشهد له أحد التأويلين في قوله: "ما أبقت (¬2) غنى" (¬3) أي: ما حصل به للسائل غنى عن سؤاله، كمن أراد أن يتصدق بألف، فلو أعطاها لمائة إنسان لم يظهر عليهم الغنى بخلاف ما لو أعطاها لرجل واحد.
قال (¬4): وهو أولى من حمل اليد على الجارحة؛ لأن ذلك لا (¬5) يستمر [إذ فيمن] (¬6) يأخذ من هو خير عند الله ممن يعطي، ولا يلزم من التفضل بالإعطاء أن يكون أفضل منه على الإطلاق (¬7).
(فأعط) بفتح الهمزة (الفضل) أي: الفاضل عن نفسك وعن العيال.
(ولا تعجز) بفتح التاء وكسر الجيم، أي: ولا تعجز بعد عطيتك (عن) نفقة (نفسك) بأن تعطي مالك كله ثم تقعد تسأل الناس.
وقال ابن عباس في قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} قال: العفو: ما يفضل عن نفسك وأهلك (¬8).
¬__________
(¬1) في (م): المعطية.
(¬2) في (م): أتيت، وفي (ر): أثبت. والمثبت الصواب كما في مصادر التخريج.
(¬3) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" 2/ 41 (10693)، أحمد 3/ 434 (15577) من حديث حكيم بن حزام، والطبراني في "الأوسط" 9/ 103 (9251) من حديث أبي هريرة، وفي "الكبير" 12/ 149 (12726) من حديث ابن عباس. وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (3280).
(¬4) من (م).
(¬5) سقط من (م).
(¬6) في (ر): أدنى من.
(¬7) "فتح الباري" 3/ 350.
(¬8) انظر: "تفسير الطبري" 4/ 337 [البقرة: 219].

الصفحة 25