كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 8)

بخلاف الإقامة فإنه يسبغ فيها الوضوء ويطول الصلاة] (¬1) ويكثر الصيام وغير ذلك من العبادات (ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب) فيه دليل على جواز الاقتصار على الإقامة في الجمع من غير أذان، وفيه خلاف تقدم في حديث جابر الطويل.
قال القرطبي: ويحتمل قوله: أقيمت الصلاة ها هنا أي: شرع فيها، ففعلت بجميع أحكامها كما يقال: أقيمت السوق إذا جرى فيها ما يليق بها من البيع والشراء بأحكامهما، ولم يقصد في الحديث الإخبار عن الإقامة، بل عن الشروع (¬2).
(ثم أناخ كل إنسان منا بعيره في منزله) يعني: أنهم بادروا بالمغرب عند وصولهم إلى المزدلفة فصلوا قبل أن ينوخوا إبلهم، ثم لما فرغوا من صلاة المغرب نوخوها ولم يحطوا رحالهم عن إبلهم، فكأنها تشوش عليهم إذا كانت قائمة، فأزالوا ما يشوش عليهم، ويستدل به على جواز العمل اليسير بين الصلاتين المجموعتين (¬3) إذا فعلت الصلاة في وقت الثانية، كما تقدم قريبًا (ثم أقيمت) صلاة (العشاء فصلاها) أي: بغير أذان (ولم يصل بينهما شيئًا) هذا فيه حجة على من جوز التنفل بين الصلاتين المجموعتين، وهو وجه عند الشافعية (¬4) وبه قال ابن حبيب من المالكية وخالفه بقية أصحابه فمنعوه (¬5).
[1925/ م] (حدثنا محمد بن المثنى) العنزي بفتح النون وكسر
¬__________
(¬1) سقط من (م).
(¬2) "المفهم" 3/ 390.
(¬3) من (م).
(¬4) "الشرح الكبير" 3/ 415.
(¬5) "مواهب الجليل" 2/ 514.

الصفحة 681