كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 8)

وتقديره: أفضل الصدقة ما أبقت بعدها غنى. ويدل عليه ما رواه ابن خزيمة في "صحيحه" عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "خير الصدقة ما أبقت غنى" (¬1) أي: يعتمده صاحبه ويستظهر به على [مصالحه و] (¬2) حوائجه، وإنما كانت هذِه (¬3) أفضل الصدقة؛ لأن من تصدق بالجميع ندم غالبًا، أو قد يندم إذا احتاج، [ويود أنه ما] (¬4) تصدق، بخلاف من بقي بعدها مستغنيًا، فإنه لا يندم على إخراجها بل يسر.
والثاني: المراد: ما استغنى بعده عن أداء الواجبات. قال القاضي حسين: معنى "ما كان عن ظهر غنى" أي: ما كان وراء الغنى (¬5). انتهى. والمراد بالغنى ما ترتفع به الحاجات الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه، وستر العورة عن نظر الغير إليه، فهذا ونحوه مما لا يجوز الإيثار ولا التصدق، بل يحرم على من لا يصبر ويؤدي به ذلك إلى الهلاك. وقيل: لم يشر (¬6) الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى هذِه اللفظة.
[1674] (حدثنا عثمان بن أبي شيبة) قال: (حدثنا) عبد الله (ابن إدريس عن) محمد (ابن إسحاق بإسناده ومعناه) و (زاد) في هذِه الرواية
¬__________
(¬1) "صحيح ابن خزيمة" (2436).
(¬2) سقط من (م).
(¬3) سقط من (م).
(¬4) في (ر): وورد أنه لم.
(¬5) انظر "مشارق الأنوار" 1/ 331.
(¬6) في (ر): إحدى ثوبيه.

الصفحة 75