كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 8)

وبقلعة دمشق أيضا أخرب عدّة قاعات ومبانى هائلة. وأمّا قلاع السواحل فأخرب غالبها، وكان يقصد ذلك لمعنى يخطر بباله.
ثم فى العشرين من ذى الحجّة نصب السلطان ظاهر القاهرة خارج باب النصر القبق، وصفة ذلك أن ينصب صار طويل ويعمل على رأسه قرعة من ذهب أو فضّة ويجعل فى القرعة طير حمام، ثمّ يأتى الرامى بالنّشّاب وهو سائق فرسه ويرمى عليه، فمن أصاب القرعة وطيّر الحمام خلع عليه خلعة تليق به، ثم يأخذ القرعة. وكان ذلك بسبب طهور أخى الملك الأشرف؛ وهو الملك الناصر محمد بن قلاوون، وطهور ابن أخيه الأمير مظفّر الدين موسى ابن الملك الصالح علاء الدين علىّ بن قلاوون، فآحتفل السلطان لطهورهما وعمل مهمّا عظيما. وكان الطهور فى يوم الاثنين ثانى عشرين ذى الحجّة. وعند ما طهّروهم رموا الأمراء الذهب لأجل النّقوط؛ فإن كان الأمير أمير مائة فارس رمى مائة دينار، وإن كان أمير خمسين فارسا رمى خمسين دينارا، وقس على ذلك سائر الأمراء؛ ورمى حتى مقدّمو الحلقة والأجناد، فجمع من ذلك شىء كثير؛ وهو آخر فرح عمله الأشرف هذا.
ثم بعد فراغ المهمّ بمدّة يسيرة، نزل السلطان الملك الأشرف المذكور من قلعة الجبل متوجّها إلى الصّيد فى ثانى المحرّم سنة ثلاث وتسعين وستمائة وصحبته وزيره الصاحب شمس الدين بن السّلعوس، ونائب سلطنته الأمير بدر الدين بيدرا وجميع الأمراء، فلمّا وصل إلى الطّرّانة «1» فارقه وزيره ابن السّلعوس المذكور وتوجّه إلى الإسكندرية.

الصفحة 16