كتاب النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة (اسم الجزء: 8)

بدر الدين بيدرا والأمراء معه، فسألتهم عن سبب مجيئهم فلم يردّوا علىّ جوابا ولا التفتوا إلى كلامى، وساقوا على حالهم حتّى قربوا من السلطان، فكان أوّل من ابتدره بيدرا بالضّربة قطع بها يده وتمّم الباقى قتله» . انتهى.
وأمّا أمر بيدرا فإنّه لمّا قتل السلطان بايع الأمراء بيدرا بالسلطنة ولقّبوه بالملك الأوحد وبات تلك الليلة، فإنّ قتل الأشرف كان بين الظّهر والعصر.
وأصبح ثانى يومه سار بيدرا بالعساكر إلى نحو الديار المصريّة؛ وبينما بيدرا سائر بعساكره وإذا بغبار عظيم قد علا وملأ الجوّ وقرب منه، وإذا بطلب عظيم فيه نحو ألف وخمسمائة فارس من الخاصّكيّة الأشرفيّة، ومعهم الأمير زين الدين كتبغا، وهو الذي تسلطن بعد ذلك بمدّة على ما يأتى ذكره. والأمير حسام الدين الأستادار طالبين بيدرا بدم أستاذهم السلطان الملك الأشرف خليل المذكور وأخذ الثّأر منه ومن أصحابه. وكان ذلك بالطرّانة فى يوم الأحد أوّل النهار، فما كان غير ساعة إلا والتقوا، وكان بيدرا لمّا رآهم صفّ من معه من أصحابه للقتال، فصدموه الأشرفيّة صدمة صادقة وحملوا عليه حملة واحدة فرّقوا شمله، وهرب أكثر من كان معه؛ فحينئذ أحاطوا ببيدرا وقبضوا عليه وحزّوا رأسه، وقيل: إنهم قطعوا يده قبل أن يحزّوا رأسه؛ كما قطعت يد أستاذهم الملك الأشرف بضربة السيف، ولمّا حزّوا رأسه حملوه على رمح وسيّروه إلى القاهرة، فطافوا به ثم عادوا نحو القاهرة حتى وصلوا برّ الجيزة، فلم يمكّنهم الأمير علم الدين سنجر الشّجاعىّ من التعدية إلى برّ مصر، لأنّ السلطان الملك الأشرف كان قد تركه فى القلعة عند سفره نائب السلطنة بها، فلم يلتفتوا إليه وأرادوا التعدية؛ فأمر الشجاعىّ المراكب والشوانى فعدّت إلى برّ القاهرة، وبقى العسكر والأمراء على جانب البحر مقيمين حتى مشت بينهم الرّسل على أن يمكّنهم الشجاعىّ من العبور حتّى يقيموا عوض السلطان أخاه الملك

الصفحة 19