كتاب الكامل في التاريخ (اسم الجزء: 8)

مِنْهُ، مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، خَوْفًا مِنْ عَوْدِ الْعَسْكَرِ، وَأَطْلَقَ الْأَسْرَى، وَأَطْلَقَ خَرَاجَ سَنَةٍ كَامِلَةٍ.
وَسَارَ طُغْرُلْبَك إِلَى نَيْسَابُورَ فَمَلَكَهَا، وَدَخَلَ إِلَيْهَا آخِرَ سَنَةِ إِحْدَى وَثَلَاثِينَ [وَأَرْبَعِمِائَةٍ] (وَأَوَّلَ سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ) وَنَهَبَ أَصْحَابُهُ النَّاسَ، فَقِيلَ عَنْهُ: إِنَّهُ رَأَى لَوْزِينَجًا فَأَكَلَهُ وَقَالَ: هَذَا قَطْمَاجٌ طَيِّبٌ إِلَّا أَنَّهُ لَا ثُومَ فِيهِ. وَرَأَى الْغُزُّ الْكَافُورَ (فَظَنُّوهُ مِلْحًا) وَقَالُوا: هَذَا مِلْحٌ مُرٌّ، وَنُقِلَ عَنْهُمْ أَشْيَاءُ مِنْ هَذَا كَثِيرٌ. وَكَانَ الْعَيَّارُونَ قَدْ عَظُمَ ضَرَرُهُمْ، وَاشْتَدَّ أَمْرُهُمْ، وَزَادَتِ الْبَلِيَّةُ بِهِمْ عَلَى أَهْلِ نَيْسَابُورَ، فَهُمْ يَنْهَبُونَ الْأَمْوَالَ، وَيَقْتُلُونَ النُّفُوسَ، وَيَرْتَكِبُونَ الْفُرُوجَ الْحَرَامَ، وَيَفْعَلُونَ كُلَّ مَايُرِيدُونَهُ، لَا يَرْدَعُهُمْ عَنْ ذَلِكَ رَادِعٌ، وَلَا يَزْجُرُهُمْ زَاجِرٌ، فَلَمَّا دَخَلَ طُغْرُلْبَك الْبَلَدَ خَافَهُ الْعَيَّارُونَ، وَكَفُّوا عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَ، وَسَكَنَ النَّاسُ وَاطْمَأَنُّوا.
وَاسْتَوْلَى السَّلْجُوقِيَّةُ حِينَئِذٍ عَلَى جَمِيعِ الْبِلَادِ، فَسَارَ بَيْغُو إِلَى هَرَاةَ فَدَخَلَهَا، وَسَارَ دَاوُدُ إِلَى بَلْخَ وَبِهَا أَلْتُونْتَاقُ الْحَاجِبُ وَالِيًا عَلَيْهَا لِمَسْعُودٍ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ دَاوُدُ يَطْلُبُ مِنْهُ تَسْلِيمَ الْبَلَدِ إِلَيْهِ، وَيُعَرِّفُهُ عَجْزَ صَاحِبِهِ عَنْ نُصْرَتِهِ، فَسَجَنَ أَلْتُونْتَاقُ الرُّسُلَ، فَنَازَلَهُ دَاوُدُ وَحَصَرَ الْمَدِينَةَ، فَأَرْسَلَ أَلْتُونْتَاقُ إِلَى مَسْعُودٍ وَهُوَ بِغَزْنَةَ يُعَرِّفُهُ الْحَالَ وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ ضِيقِ الْحِصَارِ، فَجَهَّزَ مَسْعُودٌ الْعَسَاكِرَ الْكَثِيرَةَ وَسَيَّرَهَا، فَجَاءَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى الرُّخَّجِ وَبِهَا جَمْعٌ مِنَ السَّلْجُوقِيَّةِ، فَقَاتَلُوهُمْ، فَانْهَزَمَ السَّلْجُوقِيَّةُ وَقُتِلَ مِنْهُمْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ، وَأُسِرَ كَثِيرٌ، وَخَلَا ذَلِكَ الصُّقْعُ مِنْهُمْ.
وَسَارَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ إِلَى هَرَاةَ وَبِهَا بَيْغُو، فَقَاتَلُوهُ وَدَفَعُوهُ عَنْهَا، ثُمَّ إِنَّ مَسْعُودًا سَيَّرَ وَلَدَهُ مَوْدُودًا فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ مَدَدًا لِهَذِهِ الْعَسَاكِرِ، فَقُتِلَ مَسْعُودٌ وَهُوَ بِخُرَاسَانَ

الصفحة 14