كتاب موسوعة التفسير المأثور (اسم الجزء: 8)

وحديث الرجل الذي كنتُ معه، وما أمرني به، قال: «لمَن أنت؟». قلتُ: لامرأة من الأنصار، جعلتني في حائط لها. قال: «يا أبا بكر». قال: لبَّيك. قال: «اشْتَرِه». قال: فاشتراني أبو بكر، فأعتقني، فلبثتُ ما شاء الله أن ألبث، ثم أتيتُه فسَلَّمتُ عليه، وقعدتُ بين يديه، فقلتُ: يا رسول الله، ما تقولُ في دين النصارى؟ قال: «لا خير فيهم ولا في دينهم». فدَخَلني أمر عظيم، فقلتُ في نفسي: هذا الذي كنتُ معه، ورأيتُ منه ما رأيتُ، أخذ بيد المقْعَد فأقامَه الله على يديه، لا خير في هؤلاء ولا في دينهم! فانصرفتُ وفي نفسي ما شاء الله، فأنزل الله بعدُ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} إلى آخر الآية. فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: «عليَّ بسلمان». فأتاني الرسول فدعاني وأنا خائف، فجئتُ حتى قعدتُ بين يديه، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} إلى آخر الآية. فقال: «يا سلمان، أولئك الذين كنتَ معهم وصاحبُك، لم يكونوا نصارى، إنما كانوا مسلمين». فقلتُ: يا رسول الله، فوالذي بعَثك بالحق، لقد أمرني باتِّباعك، فقلتُ له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه، فأتْركُه؟ قال: نعم، فاتركه، فإن الحق وما يحبُ الله فيما يأمرُك (¬١). (٥/ ٤١٠)

٢٣١٧٤ - عن سلمان في إسلامه، قال: لَمّا قَدِم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة صنَعتُ طعامًا، فجئتُ به، فقال: «ما هذا؟». قلتُ: صَدَقةٌ. فقال لأصحابِه: «كُلوا». ولم يأكُلْ، ثم إني رجَعْتُ حتى جَمَعتُ طعامًا، فأتَيتُه به، فقال: «ما هذا؟». قلتُ: هَدِيةٌ. فأكل، وقال لأصحابِه: «كُلُوا». قلتُ: يا رسول الله، أخبرني عن النصارى. قال: «لا خيرَ فيهم، ولا في مَن أحَبَّهم». فقُمْتُ وأنا مُثْقَلٌ؛ فأنزَل الله: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود} حتى بلغ: {تفيض من الدمع}. فأرسَل إليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال
---------------
(¬١) أخرجه الحاكم ٣/ ٦٩٢ - ٦٩٦ (٦٥٤٣).
قال الحاكم: «هذا حديث صحيح عالٍ في ذكر إسلام سلمان الفارسي?، ولم يخرجاه. وقد روي عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن سلمان من وجه صحيح بغير هذه السياقة، فلم أجد من إخراجه بدًّا لما في الروايتين من الخلاف في المتن، والزيادة والنقصان». وقال الذهبي في التلخيص: «بل مجمع على ضعفه». وقال في سير أعلام النبلاء ١/ ٥٣٢: «هذا حديث جيد الإسناد، حكم الحاكم بصحته». وقال في تاريخ الإسلام ١/ ١١٣: «وهذا الحديث يشبه حديث مسلمة المزني؛ لأن الحديثين يرجعان إلى سماك، ولكن قال هنا: عن زيد بن صوحان. فهو منقطع؛ فإنه لم يدرك زيد بن صوحان، وعلي بن عاصم ضعيف كثير الوهم». وقال ابن كثير في البداية والنهاية ٣/ ٥٢٠: «وفي هذا السياق غرابة كثيرة، وفيه بعض المخالفة لسياق محمد بن إسحاق، وطريق محمد بن إسحاق أقوى إسنادًا، وأحسن اقتصاصًا، وأقرب إلى ما رواه البخاري في صحيحه من حديث معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي».

الصفحة 11