كتاب توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم (اسم الجزء: 8)

[٢٧٤٢] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي مَسْلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا نَضْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ؛ فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ)). وَفِي حَدِيثِ ابْنِ بَشَّارٍ: ((لِيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ)).
في هذا الحديث: التحذير من فتنة الدنيا، وفتنة النساء.
قوله صلى الله عليه وسلم: ((الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ)): قيل: المعنى: شبه الدنيا في طلب كثير من الناس لها ومسارعتهم إليها وإيثارهم إياها على الآخرة بالفاكهة الحلوة الخضرة التي يطلبها الإنسان.
وقيل: معناه: تشبيهها بالشيء الأخضر الذي له نضرة، ثم يزول سريعًا وييبس، كما قال الله تعالى: {إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيمًا تذروه الرياح}.
وقوله: ((وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا))، يعني: جعلكم تخلفون قومًا سبقوكم.
وقوله: ((فينظر كيف تعملون))، يعني: ينظر فيظهر عملكم، وإلا فهو سبحانه وتعالى لا يخفى عليه شيء، والمعنى: فينظر نظر ظهور للعمل، فيظهر عمل الصالحات من المؤمنين، وعمل السوء من الكفار والعصاة.
وقوله: ((فَاتَّقُوا الدُّنْيَا وَاتَّقُوا النِّسَاءَ)): أي: اجعلوا بينكم وبين فتنة الدنيا والنساء وقاية، واحذروا أن تغتروا بهما، فتجمعوا المال بالحلال والحرام، واحذروا الدنيا أن تلهيكم عنْ الآخرة، واحذروا النساء وفتنتهن، لا تتعرضوا لهن وابتعدوا عن أسباب الفتنة بهن.

الصفحة 10